عند وقوع عيني على العنوان تهادت أمام تصوراتي نبع الحنان،، وبعد أن تخطيت العتبة، وأغلقت ابواب تركيزي عن مايشتت انشغالي، تمشيت قرائياً بين ممر طويل وكل اعتقادي بأنه سيفضي إلى غرفة آمي.
وإذا بي أقف في موزع تحيطه غرف مواربة الأبواب..
طرقت الباب الأول، فلا من مجيب، دفعته بسبابتي، فظهرت لي فكرة تجلس القرفصاء في زاوية ترتعد خوفاً، هكذا خُيِّل إلي أول وهلة.. وقبل أن أستنطقها، فتحت ذراعيا واحتضنتني بشوق، قرأت في عينيها :
(بدينا بالقهر) هذا ماتردد في أنحائي، فقلت لا بأس..
وتبقى نكهةُ الفرْدَوسِ مِحْراثاً لأنفاسي
ويَبقى الطّفلُ في غِمْدي يَضُمُّ إليكِ
أسفاراً وأعواماً مِنَ الشّكوَى
ويغمسُ فيكِ صوتَ الرّوح
منَ الخفقاتِ للأَبعَدْ
أجفلتني الفكرة، ولمت نفسي على سرعة القرار، فما هي إلا عودة للأنا، إذ ماهو إلا حوار بين الشاعرة وأناها، لتشكو له عسر حال عاطفتها، بعد هجرة من تهوى، وبتعبير طفولي بريء تمد خطوط الشكوى، استنجاداً ومغفرة عن عصيانها.. فدقت طبول قلبي قبل خفقان الشاعرة، للأبعد!.
نهرتني نفسي، بلهجة قاسية، وذكّرتني باحترام أسرار الغرف.
غادرت الغرفة، لا ألوي على شيء، لكن الآنين المنبعث من الغرفة المجاورة حرّضني على انتهاك حرمة الخفايا، وكان صوت الناقد يبارك خطوتي القادمة.
إسترقت السمع.. إنه أنين فكرة أنهكتها الوحدة.
قفز أمامي احتيال من احتيالاتي الأشاوس، فأقنعني بفتح الباب بكل عفوية، وادّعاء الصدفة.. توكلت على الله ونفّذت.. فاستقبلتني بابتسامة باهتة، تعلوها دمعة تتلألأ على ستارة العين.. تقدّمت بخطا مرتبكة، وأقدام مشاعري ترتجف.. فهمست بصوت مستقر على القرار، وكأن جواباتها قد استنزفت قوى صوتها..
فلا يَبكيكِ في صمتٍ تدَاعتْ
مِنْهُ قافيتِي
ولايَسلوكِ في حِقدِ المَسافاتِ
ماهذا!.
الشاعرة تركت أناها، وصارت تخاطب كلّها، تستجدي العفو من ذاتها عن حماقات ارتكبتها بالسماح للقوافي بالانثيال، واعتذار برتبة توسّل، بالغفران عن السماح للمسافات أن (تمشي على حَلّ شعرها) وتجهض القرب.
هذا هو الجنون الذي كنت تدافع عنه أيها الفيلسوف الفاشل.
إنه صوت الشاعرة منية الحسين.. صوت جهوري كله ثقة وجرأة.
إلى أين سيودي بك الفضول؟.
ألا تخجل من تطفلك على صور محجبة، فتقتحم عليهن غرفهن، بعد أن أسفرن وكشفن عن أجسادهن؟.
(لا والله هيّة منية الحسين)
عفواً آنستي، سمعت أنيناً مختنقاً، فدفعتني نخوتي لإبداء العون.
إبداء العون؟. (خلينا اخوات وحبايب احسن اقلب عليك وانته عارف قلبة النسوان)
لم أقصد التلصص ولكن.. .
(ماتكملش، جاي تستكردني وتبيع الشويتين بتوعك ياناقد، يالله زق عجلك وامشي قبل مالمّ عليك أمة لا إله إلا الله.. قال بريء قال)
طيب سيدتي..
آنسة من فضلك.
عفواً آنستي الكريمة، هل يمكنكِ توضيح الآمر؟.
(أمري لله، تعال وشوف بعينك، مهي بقت عمارة من غير بواب)
فادتني إلى الغرفة المقابلة، فهالني مشهد الفكرة المتبرقعة بالسواد.
أياتغْريبةَ الآهَاتِ يانَايي الحَزين
يُعاقبُني تأَوُّهُكِ
فكيفَ تَخْتبئيِن مِنْ سَمْعي ومِنْ قَلبي
ومِنْ تِحْنانِ أحْضَاني
وماء العيِنِ ظمآن لأورادِكْ
وأنتِ الصوتُ والأصْداءُ والنّعماءُ
يا عُمري
آنستي المبجلة، لِمَ تنتحب هذه الفكرة، أويستحق غيابه كل هذا القهر، لدرجة رثائك لذاتك؟.
(ملعون ابو اللي ادّاك الشهادة وعملك ناقد علينا، إمشي لاحسن أنا مفروسة منك ياجاهل).
لا أظن أني قد أسأت لحضرتكم كي تصدّرين كل هذه الإساءات.
(إسا إيه، إساءات يانن عين امك.. تعال)
لماذا تقوديني بهذه الطريقة المتشنجة، كأي أضحية تقودينها للجزار عنوة.
تدفعني إلى الغرفة الأخيرة، وتغلق الباب، وتمضي.
ماهذا!. الشاعرة نفسها؟.
أياتغْريبةَ الآهَاتِ يانَايي الحَزين
يُعاقبُني تأَوُّهُكِ
فكيفَ تَخْتبئيِن مِنْ سَمْعي ومِنْ قَلبي
ومِنْ تِحْنانِ أحْضَاني
وماء العيِنِ ظمآن لأورادِكْ
وأنتِ الصوتُ والأصْداءُ والنّعماءُ
يا عُمري
وأنتِ الرّوحُ والريْحَانُ
مُنذُ المَهدِ للّحدِ
خُذِي الأسفار ياأمّي، وشدّي
حبْلَنا السّرّيْ
إلى يَاقُوتَةِ الرَّحمِ.
أفتحي الباب، لا أقوى على سماع هذا الذي لا أتمنى نطقه ذات فقد، ومعذرة أيتها الفاضلة عن سوء تفكيري.
أ. منية الحسين الموقرة..
هذا النص أدهشني من حيث رصانة بنائه، وجمال استعاراته، ونعومة تشبيهاته.. حيث رُسِمَ بأسلوب مختلف عن كل ماقرات بهذا الغرض.
لك أنحني ياسيادة البريق الركن.
بلى... هي الحانية الرؤوم العطوف الممسوسة من حنان الله المطلق
ومهما قيل فيها فهو قليل في حقها الكبير علينا
وقد أليتم في هذا بلاء حسنا شاعرتنا المقتدرة
سلمت حواسكم وأدالكم المولى
مودتي والاحترام
عند وقوع عيني على العنوان تهادت أمام تصوراتي نبع الحنان،، وبعد أن تخطيت العتبة، وأغلقت ابواب تركيزي عن مايشتت انشغالي، تمشيت قرائياً بين ممر طويل وكل اعتقادي بأنه سيفضي إلى غرفة آمي.
وإذا بي أقف في موزع تحيطه غرف مواربة الأبواب..
طرقت الباب الأول، فلا من مجيب، دفعته بسبابتي، فظهرت لي فكرة تجلس القرفصاء في زاوية ترتعد خوفاً، هكذا خُيِّل إلي أول وهلة.. وقبل أن أستنطقها، فتحت ذراعيا واحتضنتني بشوق، قرأت في عينيها :
(بدينا بالقهر) هذا ماتردد في أنحائي، فقلت لا بأس..
وتبقى نكهةُ الفرْدَوسِ مِحْراثاً لأنفاسي
ويَبقى الطّفلُ في غِمْدي يَضُمُّ إليكِ
أسفاراً وأعواماً مِنَ الشّكوَى
ويغمسُ فيكِ صوتَ الرّوح
منَ الخفقاتِ للأَبعَدْ
أجفلتني الفكرة، ولمت نفسي على سرعة القرار، فما هي إلا عودة للأنا، إذ ماهو إلا حوار بين الشاعرة وأناها، لتشكو له عسر حال عاطفتها، بعد هجرة من تهوى، وبتعبير طفولي بريء تمد خطوط الشكوى، استنجاداً ومغفرة عن عصيانها.. فدقت طبول قلبي قبل خفقان الشاعرة، للأبعد!.
نهرتني نفسي، بلهجة قاسية، وذكّرتني باحترام أسرار الغرف.
غادرت الغرفة، لا ألوي على شيء، لكن الآنين المنبعث من الغرفة المجاورة حرّضني على انتهاك حرمة الخفايا، وكان صوت الناقد يبارك خطوتي القادمة.
إسترقت السمع.. إنه أنين فكرة أنهكتها الوحدة.
قفز أمامي احتيال من احتيالاتي الأشاوس، فأقنعني بفتح الباب بكل عفوية، وادّعاء الصدفة.. توكلت على الله ونفّذت.. فاستقبلتني بابتسامة باهتة، تعلوها دمعة تتلألأ على ستارة العين.. تقدّمت بخطا مرتبكة، وأقدام مشاعري ترتجف.. فهمست بصوت مستقر على القرار، وكأن جواباتها قد استنزفت قوى صوتها..
فلا يَبكيكِ في صمتٍ تدَاعتْ
مِنْهُ قافيتِي
ولايَسلوكِ في حِقدِ المَسافاتِ
ماهذا!.
الشاعرة تركت أناها، وصارت تخاطب كلّها، تستجدي العفو من ذاتها عن حماقات ارتكبتها بالسماح للقوافي بالانثيال، واعتذار برتبة توسّل، بالغفران عن السماح للمسافات أن (تمشي على حَلّ شعرها) وتجهض القرب.
هذا هو الجنون الذي كنت تدافع عنه أيها الفيلسوف الفاشل.
إنه صوت الشاعرة منية الحسين.. صوت جهوري كله ثقة وجرأة.
إلى أين سيودي بك الفضول؟.
ألا تخجل من تطفلك على صور محجبة، فتقتحم عليهن غرفهن، بعد أن أسفرن وكشفن عن أجسادهن؟.
(لا والله هيّة منية الحسين)
عفواً آنستي، سمعت أنيناً مختنقاً، فدفعتني نخوتي لإبداء العون.
إبداء العون؟. (خلينا اخوات وحبايب احسن اقلب عليك وانته عارف قلبة النسوان)
لم أقصد التلصص ولكن.. .
(ماتكملش، جاي تستكردني وتبيع الشويتين بتوعك ياناقد، يالله زق عجلك وامشي قبل مالمّ عليك أمة لا إله إلا الله.. قال بريء قال)
طيب سيدتي..
آنسة من فضلك.
عفواً آنستي الكريمة، هل يمكنكِ توضيح الآمر؟.
(أمري لله، تعال وشوف بعينك، مهي بقت عمارة من غير بواب)
فادتني إلى الغرفة المقابلة، فهالني مشهد الفكرة المتبرقعة بالسواد.
أياتغْريبةَ الآهَاتِ يانَايي الحَزين
يُعاقبُني تأَوُّهُكِ
فكيفَ تَخْتبئيِن مِنْ سَمْعي ومِنْ قَلبي
ومِنْ تِحْنانِ أحْضَاني
وماء العيِنِ ظمآن لأورادِكْ
وأنتِ الصوتُ والأصْداءُ والنّعماءُ
يا عُمري
آنستي المبجلة، لِمَ تنتحب هذه الفكرة، أويستحق غيابه كل هذا القهر، لدرجة رثائك لذاتك؟.
(ملعون ابو اللي ادّاك الشهادة وعملك ناقد علينا، إمشي لاحسن أنا مفروسة منك ياجاهل).
لا أظن أني قد أسأت لحضرتكم كي تصدّرين كل هذه الإساءات.
(إسا إيه، إساءات يانن عين امك.. تعال)
لماذا تقوديني بهذه الطريقة المتشنجة، كأي أضحية تقودينها للجزار عنوة.
تدفعني إلى الغرفة الأخيرة، وتغلق الباب، وتمضي.
ماهذا!. الشاعرة نفسها؟.
أياتغْريبةَ الآهَاتِ يانَايي الحَزين
يُعاقبُني تأَوُّهُكِ
فكيفَ تَخْتبئيِن مِنْ سَمْعي ومِنْ قَلبي
ومِنْ تِحْنانِ أحْضَاني
وماء العيِنِ ظمآن لأورادِكْ
وأنتِ الصوتُ والأصْداءُ والنّعماءُ
يا عُمري
وأنتِ الرّوحُ والريْحَانُ
مُنذُ المَهدِ للّحدِ
خُذِي الأسفار ياأمّي، وشدّي
حبْلَنا السّرّيْ
إلى يَاقُوتَةِ الرَّحمِ.
أفتحي الباب، لا أقوى على سماع هذا الذي لا أتمنى نطقه ذات فقد، ومعذرة أيتها الفاضلة عن سوء تفكيري.
أ. منية الحسين الموقرة..
هذا النص أدهشني من حيث رصانة بنائه، وجمال استعاراته، ونعومة تشبيهاته.. حيث رُسِمَ بأسلوب مختلف عن كل ماقرات بهذا الغرض.
لك أنحني ياسيادة البريق الركن.
ولك أرفع القبعات يافيلسوف القراءات..،
لم تترك لي شيئا لتوضيحه، بعد هذا العرض المسرحي المبهر، وهذه الرؤية الثاقبة والسابرة للعمق،
وكأنك من كتب، وكأنك كنت طرفا في الوجع..!
(رأيتني في عرضك حميدة في زقاق المدق)
هي لا تشبهني كثيرا، لكني أحببتها منك
بكل عفويتها وطرافتها..
قراءتك الرائعة المفعمة بالحركة والحيوية
فتحت شهيتي للدندنة معك على نفس الوتر
مع الفارق لصالح الناقد، الفنان وأبعد
لنخرج من مأزق المجاملات بما يفيد القارئ
..
فلا يَبكيكِ في صمتٍ تدَاعتْ مِنْهُ قافيتِي
ولايَسلوكِ في حِقدِ المَسافاتِ
ولا يُرْوَى بغيرِ حَليبَكِ الأتْقى
بغيرِ حَنانكِ الأبْقى
بغيرِ نداكِ تسبح فيه أزهاري
يُفوّحُ فيَّ أشْجانِي
__________________
نعم هنا نقلة خفيفة من صوت الشاعرة إلى صوت الأنا الشاعرة(منية) والتي لم تخف على مشرطك الماسي..
فعندما نتحدث عن القوافي، فالأنا أولى أن تتقدم المشهد حتى لو كانت القوافي لها قدسية وبراءة توازي براءة الطفل المتكور هناك في الأعماق.. حتى لو كانت القوافي تصدعت في الصمت لأنها أضيق
من اتساع وصف الأم.. فالذي طفى على الورق ليس سوى الكلمات الهزيلة التي تسربت من قبضة الصمت العفية..
(فلا يَبكيكِ) بل يبكي ويظهر العكس (تعلوها دمعة تتلألأ على ستارة العين)
(فلايسلوك) بل يسلو والسلوان هنا نسيان جسد لجسد
بفعل مسافة حاقدة فتقت رتق الجسدين،
وليس تغييبا للذاكرة(مسافة تجهض اللقاء)
ثم
(أزهاري...أشجاني) ياء الملكية تسيدت الموقف لتعكس
صورة من الصور اللصيقة بالأنا..
...
خُذِي الأسفار ياأمّي، وشدّي حبْلَنا السّرّيْ
إلى يَاقُوتَةِ الرَّحمِ
...
خذي كل رعشة في سِفر الحياة..،
وشدينا معا إلى الرحم الأول..
إلى جوهر الخلق،والنطفة الأولى
ربما عدنا وولدنا من الرحم /الرحمة
روح واحدة
حيث لافراق يباغتنا /يفرقنا، بحتمية الموت
ولا مسافة تقص لصق الجسدين..
...
تقديري واحترامي الكبير
وانحناءة شكر تطول في حضرتك
وامتنان وعرفان بملء جهدك ووقتك الثمين الذي تنفقه على حروفنا البسيطة
أستاذنا القدير /عمر مصلح
مكسب النصوص أنت..
...
من وجهة نظري أن المشاعر
روح لها قدسيتها، حتى لو كشفنا حجابها
سنجدها ملتفة بألف حجاب من نور لأنها كيان نوراني
شفاف أوسع وأرفع شأنا من الجسد..
..
ثم أنا مهما كتبت من شكر فلن أوفيك حقآ
على رعايتك واهتمامك بحرفي المتواضع
تحياتي واحترامي سيدي القدير
بلى... هي الحانية الرؤوم العطوف الممسوسة من حنان الله المطلق
ومهما قيل فيها فهو قليل في حقها الكبير علينا
وقد أليتم في هذا بلاء حسنا شاعرتنا المقتدرة
سلمت حواسكم وأدالكم المولى
مودتي والاحترام
تثبت
مهما قيل قليل في حقها أديبنا الرائع
ليت شعري يصف أحضانها، حنانها، طهارتها، قدسيتها
بَراءتها، إيثارها، حكمتها، أمومتها....
ليت الكلمات تسعفني ولكني أقايض كل الكلمات
بانحناءة على قدميها الشريفتين لها نكهة الفردوس
...
أخي القدير ألبير
أنار الله دربك باليقين وأدام عليك فضله
ثبت الله أقدامك في طريق النور
حييت أديبنا القدير
إذا كانت الأم في شيء فإن الشيء يكون أجمل شيء فإذا كانت في الشعر كان الشعر أجمل وهذه قصيدة فذه جميلة بهية نقيه فيها صور حلوة فيها لغة سلسه ناسبت النص فيها نغم جميل طرب لك الشكر لهذا النص الجميل