ديوان الشاعر / صبحي ياسين

أتحبني؟؟؟

إنـي لأسـألُ والعيـونُ تجـيـبُ=والآهُ تعلـو والضلـوعُ وجـيـبُ=
والقلب ينزف ساخنا مـن ساخـن=والـروحُ حـرّى والأنيـنُ لهيـبُ
ساءلتها والسهدُ يشرب مـن دمـي=و الليل يغـدو بالضنـى ويـؤوب
مالت علـيّ بهمسـة محـرورة:-=أتحبنـي؟ أمْ غيّـرتـكَ كــروبُ؟
لا تسألينـي عـن هـواك فـإنـه=قدرٌ علـيّ وفـي دمـي مسكـوبُ
فالصبـحُ يبـدو واجمـا مُتأسيـا=حتـى إذا جـاءت ضحـاه يطيـبُ
لا تحسبـي أنـي نستـكِ لحـظـة=أيكونُ من قـدَرِ السمـاء ِهـروبُ
إن غيّبتـك عـن الفـؤاد سحابـة=فالشمس عن كبد السمـاء تغيـبُ
أنساك ِكيـف وأنـتِ فـيّ مقيمـة=وهواكِ يجري فـي دمـي ويجـوبُ
قبل الخليقة كان حبُّـك فـي دمـي=وعلى جبيني يا –هـوى- مكتـوبُ
هل عنك تغنيني النسـاء ُجميهعـا=أم عنـك كـل الفاتنـات تـنـوبُ
تغدو الحياة ُمـع الفـراق مريـرةٌ=ومع- المنى -مُرّ الحيـاة يطيـبُ
أنا لي حبيبٌ لو طوته يـدُ النـوى=فله مكـانٌ فـي الضلـوع رحيـبُ
جدباءُ يـا كـلَّ الجنـان ِ ببُعدِهـا=وبقربهـا كـلُّ الجديـبِ خصيـبُ
والله لـو أفتـى بـأنـي راحــلٌ=ومشـى يُكفكِـفُ مقلتيـه طبيـبُ
والله لـو سكنـتْ عيونـي جمـرةٌ=ورأيتُ قلبـي فـي هـواكِ يـذوبُ
ومَشتْ تدك عظامَ صدري صخـرةٌ=وبكـى لحالـي حاسـدٌ وحبـيـبُ
وتملكتـنـي رجـفـة ٌمحمـومـةٌ=وعلا عليّ َمِـنَ الغريـب ِ نحيـبُ
واشتدّ نزعي في الفراش ِ وحَشْرَجتْ=ما كنتُ عنك ِ وعن هـواك ِ أتـوبُ

عيدان مَرّا يا حبيبـي بعدمـا=مال الحبيبُ إلي الحبيبِ وسَلّما
يكفي زماني في هـواكِ بأنـه=غنى على غصن الغرام ورَنّمـا
داويتِ قلبا كان يشكو جرحَـه=فغـدا بحبـكِ ناعمـا متنعمـا
سأقول للأيام أن- محبتـي -=حلمٌ على شفة الحبيب تبسّمـا
عاهدتُ قلبي أن أصونـك درة=يا خيرَ من صان الوداد وأكرما
يَمّمتُ كفك كي أكـونَ مباركـا=لكن- قلبي - صوب ثغرك يمما
دونتُ فوقه والهوى تنهيـدة:-=يبقى رضابُكَ يا مكوثرُ بَلسَمـا
ضلّ الفؤادُ خطاه في تجوالـه=حتى أتيْتِهِ فاستقـام وأسلمـا
حَلفَ الغرامُ بأن قلبي للضحـى=والعشقُ وقّع ثم قـام وأقسمـا
أنا إنْ رسوتُ على شفاهك ليلة=فلأن قلبي عنـد قلبـك خيّمـا
عيدٌ سعيدٌ يا هوى –يـا جنـةً=أمسيتُ فيها تحت عرشك مُغرَما
ما كان قلبي يشتهي حرّ الجوى=حتى عشقتك فاستهـام مُتيّمـا
روحان هاما في السماء وحلّقا=لما رأيتُ الجيدَ يضحك واللمى
يكفي فؤادي أن رآك ِ طهـورة=يا من زرعتِ سماءَ قلبي أنجما

لا العيدُ عيدٌ ولا الأفراحُ أفراحُ=ولا الأحبة ُ عادوا بعدما راحوا
أسامرُ النجمَ والأقداحُ مُترَعة ٌ= والليلُ غاد ٍ بكاس ِ الهمِّ رَوّاحُ
يا ليلُ حسبُكَ سيفُ الآه ِمزقني=وخنجرُالسّهد ِ في جنبيَّ سَوّاحُ
قوافلُ الشوك ِ في عينيَّ منزلها=وهائج الجمر فرت منه أفراحُ
تمددَ الجرحُ من رأسي إلى قدمي=واستوطنتْ عُمْقَ هذا الجرح ِأملاحُ
فلا وربك ما زلّتْ لهم قدَمٌ=لكنّ كلبَ وليّ الأمر ِ نبّاحُ
ما كنتُ أعرفُ طعمَ الحزن ِ في زمن ٍ=ولا استبدّ بهذا القلب جرّاحُ
حتى أتيتني يا –كانونُ- مغتصبا=ليسرقَ الروحَ من جنبيّ سفاحُ
أفراحُ قلبيَ فرّتْ خلفهم ألماً=واستعمرتْ عمريَ المجروحَ أتراحُ
يا رب سوف أبوسُ الأرض تحتهمُ=إنْ أقبلوا بسواد ِ الليل ِ أو لاحوا

عمري

حبيبي كيـف ينسـاكَ القصيـد=وأنت الـروحُ والنبـضُ الجديـدُ
وأنت النورُ إنْ غامـت سمائـي=وأنت الصدقُ إن كانـت وعـودُ
على ذكراك تورقُ لـي غصـونٌ=وتزهـرُ بيـن جنبـيَّ الـورودُ
وإن لفحـتْ فـؤادي نــارُ آه ٍ=تسامرنـي فيغشانـي الـبـرودُ
وإن ضاقت علـى نفسـي قيـودٌ=تناجينـي فتنـفـرجُ القـيـودُ
وإن وقفتْ علـى دربـي حـدودٌ=تناديـنـي فتنـهـارُ الـحـدودُ
فدعني في مـدى عينيـك حلمـا=فأنت الـروح ُوالحلـمُ السعيـدُ
فـلا والله مـا كفـتْ بـروقـي=ولا هـدأتْ بأجوائـي الرعـودُ
حبيبي أنـت روحٌ مَـسَّ قلبـي=ودونـك لا يطيـبُ لـه وجـودُ
صَبا - من قال إنك بعضُ عمري؟=وأنّ هــواك نــارٌ لا تـزيـدُ
يميـن الله ِأنـك كـلُّ عـمـري=وأنـي عنـك عهـدا لا أحـيـدُ
**********=*********
فنامي فـي ضلوعـي واطمئنـي=فأنت ِ العشقُ والحـبُّ الوحيـدُ

آهات

حبيبي بات موجوعـا يُعانـي=سخين َ الخدِّ مَحْرورَ اللسـان ِ
سقاهُ الدهـرُ بالآهـات كاسـا=فبِتُّ كأنمـا دهـري سقانـي
فيا ليت الذي يكـوي حبيبـي=بما في الكون مِن جمر ٍ كواني
ويا ليت الذي أضنـاك َسُهـدا=بكاس ٍعنك يا قلبـي ضنانـي
فداكَ الروحُ ياريحـانَ روحـي=فداك سنين عمـري والثوانـي
أنينكَ في ضلوعي َّحَـزَّ قلبـي=وجرحك ُ فيَّ يا غالي شجانـي
وبحّة ُصوتك النـادي سَلتنـي=وهمسُ لماكَ يا حلمي َسبانـي
حبيبـي نـام مكسوراًجناحـاً=وبت ُّعليـه مجـروحَ الجَنـان
أتيت ُإليكَ أحمِـل ُعنـك همـا=وأُسْكِنُ جرحَ عمركَ في كيانـي
فإن سالت دموعي فوق خـدي=فمن عينيك دمعي قـد أتانـي
وإن سَحرَتْ حروفي حسَّ ناس ٍ=فمنكَ السحرُ يا نبـعَ الحنـانِ
وشعري فيكَ أنتَ لـه لسـانٌ=وهل يسمو البيانُ بلا لسـان ِ؟
فيا ربـاه سَلِّـمْ لـي حبيبـي=وبلِّـغْ قلبَـه حلـوَ الأمانـي
سوى عينيه لا أرضى عيونـا=ودون هواهُ لا يصفـو زمانـي
ولو خُيِّرْتُ في جنات ِ عـدن ٍ=لفضلْتُ الحبيبَ على الجِنـان

لمْلـمْ شراعَـك أيهـا القبطـانُ=جَف المحيـطُ وغـارت الشطـآنُ
يكفيكَ مِن وجع الرحيـل مـرارة=منها يشيـبُ القلـبُ والوجـدانُ
ما أطيب الأيـام فـي دفء التـي=منهـا يفيـض الـود والتحنـانُ
أوقِدْ شموعَك كي تـرى أفراحنـا=فقلوبنـا عنـد النـوى أحــزانُ
إن كان بُعـدكَ بالنقـود مُثمـناً=فحنـانُ قربـك مـا لـه أثمـانُ
ذبلتْ زهورُ العمر بعـد غيابكـم=وتقرحـتْ مـن دمعهـا الأجفـانُ
هذي البراعـم تشتهيـكَ بقربهـا=كالساق ترجـو دفـأه الأغصـانُ
ما بيـن أنـات الحنيـن أجسّـه=قلبـا يصيـح بأننـي إنـسـانُ
إمسح بكفك فـوق قلبـي كلمـا=صـرخ الفـؤاد وردد الشـريـانُ
أنا إن سكبتُ من الدموع أحرَّهـا=فـلأن عمـري كـلـه نسـيـانُ
أنا في ظلالك أحتسي كاس َالرضى=ليغيـبَ كـاسٌ كلـه أشـجـان
أنا في غيابك كنت ُأرعـى ذمـة=وأصـون ُعشـا تحتـه بركـانُ
هذي فراخي فـي دمـي خبأتهـا=لمـا تولـى أمـرَنـا الرحـمـنُ
ونذرتُ روحي كي أصون َعقولها=ليفيضَ منهـا النـور والإيمـانُ
المالُ لا يحمي النفـوسَ وإنمـا=بالسهد ِ والحضن الحنون تصـانُ
إن كان دمعي في عيونـي حارقـا=فدموع قلبي فـي الحشـا نيـرانُ
أنا قد خفضتُ على الفراخ جوانحي=ودفنـتُ عمـرا مـا لـه ألـوانُ
وأنا التي عبَس الزمـان بوجههـا=وشكا مـرارة َكاسِهـا الوجـدانُ
وانا التي قطفت زهـور شبابهـا=ومشى عليها الجـور والهجـرانُ
وركبـتُ بحـرا لا يكـفّ هديـره=وشربتُ كاسـا ملـؤه السلـوانُ
حتى رأيت براعمـي قـد أينعـتْ=واشتـدّ منهـا العـودُ والسيقـانُ
فحمدت ُربي وارتضيـتُ قضـاءه=وقضيت ُعمـري كلـه شكـرانُ
يا رب جئتكَ والرضى في مهجتي=فارحمْ فؤاداً شَفَّه الإيمانُ

على الأشواك
قصيدة أخاطب فيها فئة معينة
أولئك الذين يهاجرون طلبا للفجور
والعقال في القصيدة رمز للعربي
وهو المعروف في بلاد الشام والخليج والعراق

إذا وَهَبَـتْ لــك الأيــامُ مــالاً=فَـحَـاذِرْ أنْ تُبَدِّلَـهـا خِـصــالا
كريمُ الأصـلِ مهمـا حـازَ منهـا=يـرى التفريـطَ بالأغلـى مُحـالا
ثـراءُ الجيـبِ لا يُثْـري عـقـولاً=ولو نَسَجـوا مـن الذهـبِ العقـا لا
تَأَمّـلْ فِكْـرَ مَـنْ نَضَحـوا ثـراءً=فقـد كانـوا ومـا زالـوا بِـغـالا
فـإنْ جـاد الزمـانُ علـى أُنـاسٍ=سَيُعْليـهـمْ وإنْ كـانـوا نِـعــالا
فكيـف نَـشُـدُّ للعلـيـا رِحــالاً=وقـد مَسَـخَ الثـراءُ لنـا الرجـالا
أَيُرْجى الخيرُ مِـنْ زيـدٍ وعَمْـرو=وقـد شَـدّا إلـى العُهْـرِ الرِّحـالا
وهـل يُرجـى لـردِّ الحـقِّ جيـلٌ=يُمـارِسُ فـي المواخيـرِ النّضـالا
ولكـن فــي دُجنّتِـهـا شـبـابٌ=على الأشواك تنتظر الهلالا
إلى المحـرابِ قـد عَقَـدُوا يَمِينـاً=وشـدّوا حَـوْلَ مصحفِـهِ النّصـالا

**

أحبائي
صهيلُ الخيل ِفي ساحاتكمْ يُسمع ْ
وشمسُ الله ِفي أفلاككم تجري
ومن أحداقكمْ تسطعْ
أحبائي
بكمْ نمشي
بكم نحكي
بكم نسمع
بكم يا إخوتي هاماتنُا من طينها تُرفعْ
فيا وجع َالبساتين ِ
ويا لغةَ السكاكين ِ
رأينا الأرضَ من شلالكمْ ترُوى ومن أكبادكم ْتزُرعْ
رأينا الشمسَ بين كرومكمْ تجري
وفي محرابكمْ تخشع ْ
أننساكم ؟
أننسى مَن أعادَ النبضَ....
للجذر الذي مالت....
على أكتافه الدنيا ولم يركع ْ
فأنتم جسرنُا الممدودُ....
فوق الليل ِللفجرِ ِ
وأنتم مُهرُنا الممشوقُ...
بين النهر والبحرِ ِ
ولكن يا أحبائي
لمَن أحكي؟
ومَن يَسمعْ؟

وللقافية اعتذار=,
تدلَّلْ حبيبي فأنتَ المَلَكْ=فلله دَرُّكَ ما أجملكْ
تفيضُ العذوبةُ من مقلتيكَ=ويَسْكُنُ شهدُ الربا مَبْسَمَكْ
أغارُ من الورد ِ في وجنتيكَ= ومن ساعة ٍ لامستْ مِعصمَكْ
فكيف إذا خالطتكَ العطورُ=ومسَّ نسيمُ الصبا مقلتَكْ
أغارُ عليكَ من( المَسْكَرات ِ)=ومن –دَبْلَة ٍ –حاصرتْ إصبعكْ
ومن شامة ٍ غازلتْ شفتيكَ=ومن –بُكْلَة ٍ – زيَّنَتْ مفرقكْ
إذا ما الإمامُ تلا(والضحى)=أقولُ لقلبيَ مَنْ زلزلك؟!
نذرْتُ إليكَ ودادَ الفؤاد ِ=وشعري نذرْتُهُ كي يسْعدَكْ
أنا نجمة في سماكَ تطوفُ = فأنت الفضاءُ وأنتَ الفلكْ
أرى الحُسْنَ حرَّكَ مَن قد رآك=فذي قَبَّلَتْكَ وذا صورَكْ
علا الكعبُ منكَ فزدتَ دلالا=فهيَّجْتَ قلبا رأى روعَتَكْ
فسبحان من في السما أبدعك=وسبحان مَن -بالحلا- زيَّنكْ
تمنيْتُ لو كنت حيثُ أراك=لأبصِرَ صورةَ أحلى مَلَكْ

شآم

ما للشآم ِعلى التراب ِتنامُ؟!=هل جار ضرٌّ أم هَدَّتها آلامُ؟!!
أين السريرُ المخمليّ وفوقه؟=خدّ على ريش ِالنعام ِ ينامُ؟
ما كنتُ أحسبُ أنْ أراك ِكسيرة ً=والروحُ حَيْرى والحشا أوْرامُ
كم كان قدُّك ِ يَسْتفزُّ مشاعري!=يا مَن سَباك ِمِن الغرام ِسقامُ
أنا قد زرعتُ على جبينك قبلتي=وعلى شفاهي من هواك وسامُ
يا شامُ يا بَرْدَ الندى في خاطري=هل جفَّ عودٌ أم عَلاك ِحُسامُ؟
ما بالُ وردُك في الروابي ذابلٌ=ما بالُ دوحُك ِ ِيا شآمُ رُكامُ
يا غوطة َالعشاق ِأين أزاهرٌ=أين الأحبة ُوالدروبُ هيامُ
يا شامُ يا بنتَ البلابل ِخبِّري=كيف استباحَ زنودَك ِ الأقزامُ
الموتُ في كلِّ النفوس ِ مسافرٌ=والرعبُ في كل القلوب ِإمامُ
الجاهليةُ أوغلت ْفي عُمْقِنا=فالأرض تُسبى والسماء تسامُ
ناحتْ على جثثِ الصغارِ حمائمٌ= وبكى على جُرْح الزهور يَمامُ
يا شامُ أين الياسمينُ على الربا=يا شام ُأين على الغصون حمامُ
كم كنتُ أقطفُ من خدودك سوسناً=فيَغارُ من فوق الجبال ِغمامُ
يا شامُ يا نبعَ التسامح ِوالوفا=أيكونُ من بعد الصفا إجرامُ
ولقد عشقتك يا شآمُ لشامة = صلى عليها العاشقون وصاموا
يا رب هذي مَن لثمتُ ترابَها=ولها عهودٌ في دمي وذِمامُ
يا رب قلبي في سماها طائرٌ=ولديه فيها صَبْوة ٌوغرامُ
يارب باركْ أرضَها وسماءَها=ليطلَّ مِن بين الحُطام سلامُ