ذكرى وفاة الخليفة العباسي أحمد الناصر
من أقوى الخلفاء العباسيين، أسس جهاز مخابرات فظنوا أن الجن يخدمه حكم 45 عام وتحكم بالبلاد وأعلن جنكيزخان الولاء له
-
حيث في مثل هذا اليوم.
-
توفي الخليفة العباسي الرابع والثلاثون احمد الناصر لدين الله "الخليفة الفتوة".
-
وذلك في مدينة بغداد في 28 رمضان 622 هجري
الموافق في تاريخ 1225/10/03 م.
-
وهو الخليفة الذي في عهده إزدادت الدولة العباسية قوة، وأعلن جنكيزخان الولاء له ووضع إسم الخليفة على عملاته.
-
والخليفة الناصر هو صاحب كتاب "روح العارفين"، وكان من أقوى الخلفاء العباسيين ويعرف أسرار الحكام والمجالس لدرجة أنهم اعتقدوا أن الجن يخدمه.
-
قال ابن واصل: «كان الناصر شهمًا، شجاعًا، ذا فكرة صائبة، وعقل رصين، ومكر ودهاء، وله أصحاب أخبار في العراق وسائر الأطراف، يطالعونه بجزئيات الأمور».
-
-
نشأته
-
-
ولد في مدينة بغداد في 10 رجب 553 هجري الموافق في تاريخ 1158/08/07 م، وأما أبيه فهو الخليفة العباسي حسن المستضيء وأما أمه فهي زمرد خاتون صاحبة جامع زمرد خاتون في بغداد، ولها بمكة الرباط الذى بالجانب الشمالى من المسجد الحرام، المعروف قديما برباط أم الخليفة.
-
-
تولي الخلافة.
-
-
تولى الخلافة سنة 575هـ الموافق 1180م بعد وفاة ابيه الخليفة حسن المستضيء وحكم حوالي خمسة وأربعون عاما، وفي بداية سنوات خلافته قام بسحق القوة السلجوقية في بلاد فارس، فحرّض تمردًا ضد السلطان السلجوقي، فهاجم شاه خوارزم تيكيش القوات السلجوقية، وهزمهم، ومنح تيكيش الخليفة محافظات بلاد فارس التي أخذها من السلاجقة.
-
-
التنكر لمعرفة احوال الناس.
-
-
في عام 1185م أي بعد خمس سنوات من حكمه زار بغداد ابن جبير الأندلسي الرحّالة ، ورأى الخليفة بعينه متنكراً لكي يعرف احوال الناس عن قرب.
-
-
زواج الخليفة من السلاجقة
-
-
في عام 1186م تزوج الخليفة الناصر من الأميرة سلجوقة خاتون بنت سلطان سلاجقة الروم ركن الدين مسعود الأول، والذي بقي مساندا للخليفة حتى في خلافه مع أقاربه سلاجقة فارس والتي إستطاع الخليفة أخذ محافظاتهم فيها، ويذكر أن السلطان نور الدين زنكي كان عديلا للخليفة الناصر.
وأصبح جميع السلاجقة تابعين للخليفة، يلبسون ملابس الفتوة، ويرفعون العلم الأسود، ويرسلون الخراج، ويضعون إسم الخليفة على عملاتهم.
-
-
تأسيس نظام الفتوة.
-
-
وجد الخليفة أن الدولة تحتاج الى جهاز شعبي عسكري هرمي يفرض قوة الخليفة فرأى أن يؤسس مؤسسة "الفتوة".
والفتوة منذ نشوئها ظلت نظاماً شعبياً عاماً، له مبادئ نشأت طبيعياً في المجتمع المسلم، وانطبع عليها الإنسان في هذا المجتمع، وحاولت الجماعات التي انضمت إلى هذا النظام أن تسن لها تقاليد تنظيمية ذات طابع موحد، واستمر نظام الفتوة هكذا غير ذي صلة رسمية، ولم يقع تحت تأثير أرباب الحكم حتى جاء الخليفة العباسي الناصر لدين الله الذي تبنى الفتوة فجعلها تحظى باهتمام رسمي".
واصبحت الفتوة منتشرة بين الولات والعسكر والافراد واصبحت هذا التنظيم متواجد في كل مدينة وحارة مما منح الخليفة قوة شعبية عسكرية هرمية تواصلية فكانت خير اداة لفرض سيطرته على دولته.
-
-
سيطرة الخليفة الناصر على الدولة.
-
-
قال ابن النجار: «دانت السلاطين للناصر، ودخل في طاعته من كان من المخالفين، وذللت له العتاة والطغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة، واندحض أعداؤه، وكثر أنصاره، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك مالم يملكه أحد ممن تقدمه من الخلفاء والملوك، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين».
-
وقال الذهبي: «ولم يل الخلافة أحد أطول منه مدة، فإنه أقام فيها 47 سنة، ولم تزل مدة حياته في عز وجلالة، وقمع الأعداء، واستظهر على الملوك، ولم يجد ضيما، ولاخرج عليه خارجي إلا قمعه، ولامخالف إلا دفعه، وكل من أضمر له سوءا رماه الله بالخذلان، وكانت له حيل لطيفة ومكائد غامضة وخدع لايفطن لها أحد، يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لايشعرون، ويوقع العداوة بين ملوك متفقين وهم لايفطنون».
-
-
تأسيس المخابرات والإعتقاد بأن الجن يخدمه
-
-
ورد في تاريخ الخلفاء السيوطي وسير أعلام النبلاء للذهبي بأن الخليفة العباسي الناصر كان الجن يخدمه وينقل له الأسرار والأخبار، وكان سبب هذا الأمر أن الخليفة كان يعلم بكل شيء يدور في بلاده، لدرجة أصبح الناس إذا تحدثوا عنه يخفضوا صوتهم.
-
ولكن كان السبب الحقيقي لمعرفة الناصر بالمعلومات ليس عن طريق الجن، بل عن طريق جهاز سري قام بتأسيسه لينقل له الأخبار والمعلومات، وكان مكون من شبكة خادمي القصور وقسم من أعضاء منظمة الفتوة، وجماعات متخصصة في هذا الأمر
-
-
تحرير القدس
-
-
أيّد الخليفة الناصر السلطان صلاح الدين الأيوبي في حروبه التي حارب بها الفرنج ، وأمر الملوك في الأقطار الإسلامية بمعونته بجنودهم وجيوشهم كل على حسب طاقته الحربية ، ودعمه الخليفة بنظام الفتوة والمال.
ولمّا فتح صلاح الدين القدس سنة 583هـ الموافق 1187م ، فوصل الخبر إلى بغداد بعث الناصر إليه بلوح منقوش مكتوب عليه ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) الحمد لله الذي أنجز وعده ونصر عبده ، وأقام خليفة القائم بحق الله ، وسيّد عترة رسول الله ، وثمرة شجرته الطيّبة المعرفة إليه أبا العباس أحمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين ، أسبغ الله ظلّه على الإسلام والمسلمين وشدّ عضده بولده ووليّ عهده أبي نصر محمد عدة الدنيا والدين ، وأعاد عليه تراثه وأصار إليه من البيت المقدّس على رغم أنف المشركين ،وهو المحمود على أن أجري هذا الفتح على يدي دولته وسيف نصرته.
يوسف بن أيوب معين أمير المؤمنين ) .
وعلّق هذا اللوح على القدس الأعظم .
-
-
تحرير سينوب
-
-
استطاع عز الدين كيكاوس تحرير سينوب الواقعة على ساحل البحر الأسود في عام 1214م، وأرسل إلى بغداد تباشير الفتح، ومحملين بالهدايا كناية على أن هذا الفتح نصرا للخلافة العباسية، ويذكر أن القائد العباسي عمر الأقطع هو الذي قام بفتحها.
-
-
تمرد خوارزم
-
-
حاول محمد شاه خوارزم الاستقلال عن سيطرة الخليفة والسيطرة على بغداد في عام 1217م، فأعد جيوشا سارت بإتجاه بغداد ولكن الثلوج أهلكتهم، فكانت الثلوج كافية أن تحمي الخليفة دون أن يرسل مقاتل وسادت العَلاقات العدائية فيما بينهما لفترة حتى اغتيل حاكم من حكام تيكيش، بأمر من الخليفة، بواسطة مبعوث إسماعيلي فخضعوا للخليفة، ووضع محمد شاه خوارزم اسم الخليفة على عملاتهم.
-
-
وفاته.
-
-
توفى في رمضان سنة (622هـ) الموافق 1225م، وكانت آخر 3 سنوات من حياته صعبة حيث تعرض للشلل وخف بصره، ثم توفيت زوجته سلجوقة خاتون، فعمل لها جنازة ضخمة شارك فيها كل المسؤولين والأعيان، ثم توفي بعدها بأشهر، وتولى الحكم من بعده ابنه الخليفة العباسي محمد الظاهر بأمر الله.
قال السيوطي: وكان له تأثير بالغ في الدولة حيث كان قد استحدث نظام الفتوة والتجنيد وادخل الكثير من شباب بغداد الجيش وازال اثار العجم وهدم قصور السلاجقة ودانت له الدنيا وفتح البلدان وسيطر الخليفة فيها كان لم يكن من قبل وامر ونهى وعمر اسوار بغداد واعاد لها الهيبة والمجد وبايعة كل سلاطين المسلمين وادوا له الطاعة ومنهم صلاح الدين الايوبي رحمه الله الذي بعث برايته وترسه للخليفة يوم وفاتة دليلا على تبعيته للخليفة هو ومولانا أحمد الناصر لدين الله العباسي البغدادي الهاشمي.
**** المصادر:
1) تاريخ الخلفاء، السيوطي
2) تاريخ بغداد، ابن النجار
3) سير أعلام النبلاء، الذهبي
4) سيدات البلاط العباسي، مصطفى جواد
5) الكامل في التاريخ، ابن الأثير
*****************
كتب بقلم:
المؤرخ تامر الزغاري.
*****************