على قارعةِ الطريقِ المؤدي إلى المحطة الأخيرة من العمر ، يفترشُ أبو هاشم رصيفَ الحزن يومياً ، يبادرُ الصباحَ قبلَ أنّ تبادرهُ الشمسُ ، يستندُ على دكةِ ذكرياتِ الزمنِ الجميلِ ، ويبدأ جلسته التي قد تمتد سحابةَ النهارِ بالبسملة والحوقلة ، لا يثنيه عن مشروعه اليومي سوى عضةَ الجوعِ أو قرصةَ البردِ .
أبو هاشم اللامنتمي لهذا الزمن الأغبر ، لا ينفكُ يقارنُ بين معايير الفروسية أيام زمان ،وبين المعايير التي يسمونها حضارية هذه الايام
لا تفارِقُه الحسرةَ على شبابهِ الغارب عندما تمرُ به زرافات من الصبايا بلباسهن المزركش ، والمختصر المفيد .
لا يتوانى أبو هاشم عن توزيع الابتساماتِ العريضةِ على المارة ، وكم يروق له أن يقص على أقرانه ـ من الذين اتخذوا من الرصيف ملجأً لهم ـ عن ماضيه التليد ، وأفضاله على الناس من خلال موقعه الوظيفي ، ويستهجنُ نكران الجميل من ذوي القربى والمعارف .
أبو هاشم صار جزءاً لا يتجزأ من المشهد البصري لساحة الحي .
في لحظة من الملل بعد ان يمتد به الجلوس طويلاً ، وتتحرك مواجعه من كثرة الجلوس ، يجر سنواته الثمانين خلفه ، متمايلا في مشيته ، على أمل العودة في اليوم التالي إذا بقي من العمر بقية .
أبو هاشم الرجل الثمانيني ينتمي إلى الزمن والزمن ينتمي إليه
وفيما عدا ذلك فالبعض خارج الزمن لأنهم لا ينتمون لأحد ولا لشيء على الإطلاق
و هذا هو سر بقاء هذا الشيخ في الأذهان سواء بقي أو رحل
نص جميل وهادف
كل التقدير أستاذ كمال
دمت بخير
تحياتي
استهلال للقصة يبعث على التأمل وكأنّ الستار يفتح على مشهد أليم لشيخ لم يشفع له سنه في أن يحويه بيت كريم حيث الدفء والحنان و راح يعانق الرصيف ليصبح ويمسي فيه وعناصر الطبيعة تؤنس وحدته
استطاع الكاتب برسمه لابي هاشم أن يجعلنا نعيش معاناته بالصوت والصورة ونتفاعل مع الشخصية عن قرب ورؤية تصرفاته التي لم تزدنا الااحتراما وتقديرا له وقد كان مثالا للصبر،
قفلة غير متوقعة ولكنها أنسب نهاية غادر المكان وقد لا يعود ربما سيكون له موعد مع الموت
كل التقدير