مناورة جديدة يدخل بها تنظيم الإخوان إلى مرحلة جديدة عنوانها اليأس، ونهاية مشروعهم الذي أطلقته بالسعي للعودة للحكم مرة أخرى، بحسب خبراء.
فأعلن التنظيم في تصريح مباشر مرة، وبالتلميح مرات أخرى عدم التنافس على السلطة مرة أخرى، والتخلي نهائيا عن السياسة.
شائعات إخوان مصر تفشل في عبور أسوار «مراكز الإصلاح»
وفي تطور جديد، زعم تنظيم الإخوان في بيان رسمي، السبت، موقع باسم حلمي الجزار، مسؤول القسم السياسي بجبهة صلاح عبد الحق القائم بأعمال مرشد التنظيم، أن الإخوان أعلنت سلفاً أن من مد لها يدا، فلن يجد منها إلا الوفاء، وأنها ترحب بأي مبادرة جادة في سبيل تحرير المسجونين السياسيين.
وإذ شدد على "عدم المنافسة على السلطة الذي أعلنته الجماعة، وما زالت متمسكة به"، أضاف البيان: "لا يعني أبدا الانسحاب من العمل السياسي، الذي يظل من ثوابت مشروع الجماعة الإصلاحي".
وزعم التنظيم أنه "جزء أصيل من الشعب المصري يدافع عن حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كل ميدان، ولا يتخلى عنه كواجب شرعي ووطني".
وبالتزامن، أطلق حلمي الجزار، مبادرة تولى طرحها، ماجد عبدالله الإعلامي الهارب في أنقرة عبر موقع يوتيوب، تدعو السلطات في مصر بشكل رسمي بالتصالح، وبالعفو عن المحكوم عليهم من أعضاء الجماعة، في مقابل عدم المشاركة في السياسة لمدة 20 عاما.
وقال عبدالله إن "الجزار طلب منه أن ينقل على لسانه بأن الجماعة جاهزة للتصالح، وأنها ستتخلى الجماعة عن العمل في السياسية لمدة تصل لـ 20 عاما".
تضارب وتناقض
البيان الرسمي الأخير للتنظيم، والمبادرة التي طرحها الإعلامي الهارب لتركيا، ماجد عبد الله نقلا عن الجزار، تعكس "التضارب والتناقض الذي يؤكد ارتباك الجماعة وانقسامها وتعدد الأجنحة داخلها، وأن وضعها لا يؤهلها لتكون طرفا موثوقا به وبتعهداته"، وفقا للكاتب الصحفي، والخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي، هشام النجار.
وقال النجار في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "التنظيم منقسم وبه أجنحة متصارعة، تبحث عن أموال وسبوبة على حساب أوهام تسوقها لعناصر التنظيم المتبقية"، مردفا: "بيان التنظيم يعكس صراع متجدد ومتكرر على شرعية قيادة التنظيم، ودعاية تنظيمية، وهذا كله لا يهم الدولة المصرية في شيء".
وأوضح: "تبدو تجاذبات وتباينات التنظيم الحالية، ناتجة عن خلافات داخله بشأن طريقة التعاطي مع الأزمة، وهذا شأن تنظيمي داخلي بمعنى أنه من الممكن أن تكون هناك مجموعة تريد المنافسة على القيادة عبر المزايدة بطرح حلول للأزمة بها تنازلات أكثر من تنازلات الجناح الآخر، أو المفترض أنه الجناح الذي يقود الجماعة لكن لا هذا ولا ذاك يهم الحكومة في شيء، حيث هناك ثوابت سياسية مصرية واعتبارات قضائية ومصلحة وطنية عليا تحكم هذا الملف".
وشدد "النجار" في هذا الإطار، على أن "الحكومة المصرية لا تنظر إلى الجماعة كطرف من الممكن أن تقبل منه مبادرة صلح أيا كانت صيغتها، أو أن تتعهد بترك السياسة أو لا تتعهد، فالحكومة تنظر إلى الجماعة ككيان إرهابي، كونها مصنفة إرهابية حيث حملت السلاح ضد الدولة، ومارست الإرهاب والعنف ونفذت تفجيرات وعمليات إرهابية وعمليات اغتيال".
البحث عن دور
وبدوره، قال الخبير في شئون حركات الإسلام السياسي، عمرو عبد المنعم، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "حلمي الجزار يراوغ ويناور عبر ورقة المسجونين، ويحاول البحث عن دور، وهو ما كرره خلال الفترة الماضية بأن التنظيم يريد التصالح، والتراجع خطوات".
ويرى "عبد المنعم"، أن "الجزار يمثل الجناح الناعم، داخل تنظيم الإخوان، وأحيانا هذا الجناح قد يكون أشرس من الجناح الخشن، أو الشرس بالتنظيم، لكن ما يطرحه لا قيمة أو وزن له".
وشدد في هذا الصدد، على أن الإخوان مجرد تنظيم إرهابي، لا يعتد به كفصيل سياسي يمكن الوثوق به أو التعامل معه، وهو ما تدركه الدولة المصرية جيدا بعد أن جرى استبعاده من المشاركة في الحوار الوطني رغم مشاركة جميع القوى السياسية في البلاد.
كما أشار عبد المنعم، إلى أنه "لا يحق للتنظيم طلب العفو والتصالح، لأنها مارست العنف وهو أمر ثابت بالقضايا والمحاكم وجميع اعترافات المتهمين"، مضيفا: "التنظيم ليس وليا أو متحدثا باسم هؤلاء المسجونين ممن عليهم أحكام".
وباستنكار، تساءل المحلل السياسي المصري: "من هؤلاء وهل يمثلون تنظيم الإخوان؟!، أم الأمر يتعلق بقضايا شخصية ورغبة قيادات التنظيم مثل حلمي الجزار في الإفراج عن أبنائهم المتهمين في قضايا إرهاب وعنف".
انقسام وتناحر
وهنا، كشف عبد المنعم عن أن "هناك مبادرة لسجناء من عناصر الإخوان، قاموا بالاعتذار لرئيس الجمهورية، وللشعب المصري، ويطالبون بالعفو عن السجناء المحكوم عليهم في قضايا إرهاب وقضايا عنف والتعامل معهم وفقا للقانون، وهذا اعتراف أولياء المعتقلين".
وفي تعقيبه، قال الإعلامي وعضو مجلس النواب، مصطفى بكري، إن المبادرة التي أطلقها الجزار، وتولي طرحها إعلاميا ماجد عبدالله، أثارت جدلا وخلافا حادا في صفوف أعضاء الجماعة، واحتدمت الخلافات بين صفوفهم في الخارج، وتحديدا بين جبهتي لندن وتركيا".
إزاء ذلك، يرى بكري، أن المبادرة ستزيد من حدة الانقسام داخل التنظيم، وهو أمر سيزيد الأمور تعقيدا بينهم، وفي المقابل، فهذا يعني انتصارا جديد للدولة المصرية، ومؤسساتها وقيادتها وثوابتها الوطنية.
وأكد بكري على أن إطلاق المبادرة دليل على وصول الجماعة إلى مرحلة اليأس، ونهاية مشروعها الذي أطلقته بالسعي للعودة للحكم مرة أخرى، وفقدانها أيضا للظهير الشعبي، بعد إدراكها أن مشروع الثورة ضد نظام الحكم في مصر قد فشل، وأن ثقة الجماهير في كل أطروحاتهم تكاد تكون معدومة.
كما تعكس المبادرة، حجم الضغوط التي يمارسها المحكوم عليهم في السجون، بقبول أي حل يفضي إلى العفو عنهم، بحسب عضو مجلس النواب المصري.
وأثار ما طرحه الجزار غضب واستياء داخل صفوف أعضاء التنظيم من الشباب الذي طالبوا كوادر التنظيم الذين يتصارعون على القيادة والشرعية، بالعمل على حل الجماعة فورا، والتركيز على الأنشطة الحقوقية للدفاع عن المسجونين، معتبرين أن البيان الصادر عن التنظيم والمبادرة التي طرحها الجزار مجرد شأن داخلي للاستهلاك التنظيمي، والصراع على القيادة داخل التنظيم.
وتحت تأثير الملاحقات الأمنية على خلفية العمليات الإرهابية التي قامت بها الجماعة ورفض المصريين لاستمرارها في المشهد السياسي انقسمت الجماعة إلى جبهتين الأولى في لندن ويقودها صلاح عبدالحق الذي انتخب قائما بأعمال المرشد، وجبهة إسطنبول بقيادة الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين.
وتنكر كل جبهة الأخرى ولا تعترف بشرعيتها في تمثيل الجماعة في أعمق صدع يصيب الإخوان على مدار تاريخهم العامر بالانقسامات.
التوقيع
هناك نظرة تختصر الحياة،،،، وصوت يختصر المسافه،،،، وشخص يختصر الجميع