أنا ما عرفتكَ ..
غير أني قد قرأتكَ في حروف الصمت
في طيّ الكتابْ
وبحثت في كتب الأساطير القديمة ..
عنكَ
عن معناكَ
عن بعض المشاهد
أو بقايا قصة
عن أي حرف منك
في الطلاسم
في روايات العذابْ
فرأيت روحاً خلف أسفار الظلال
تضيع في سَـفــَر السراب
من أنت َ ؟
حقاً
كيف تجري في ضميري
مثل أنفاس الربيع
وكيف تحضر في الغيابْ
تسقي فصول الذكريات
وتـُنـثـّـر الألوان في أرض المواعيد المليئة بالخراب
وتظل ترسم فوق خذي وردة حمراء .. فيها ألف صوت
قادم من كل بابْ
من أنتَ ؟
من أي الجهات يجيء صوتك ؟
هل تراني ؟
هل ترى نزف الحروف على سطور الاغتراب ؟
أرأيت ما فعلت يداك بقصتي ؟
وهناك يوم أخذتني لعوالم المجهول .. ثم تركتني يصطادني خوفي
ويأكلني جنون الارتيابْ
ورأيت كيف أدور في فلك الفراغ
يداي صائمتان ... أنتظر السحابْ
أبكي وأدعو أن تعود
لأنني أسرجت خيلي للإياب
وجلست أسترق المعاني ..
من أغاريد الطيور
من الجداول
والنسائم
والمرايا
من عذابات المودّة والعتابْ
وجعلتُ أنفخُ في الحروف المثقلات بقيد هجرك
بوحَ المزامير القديمة
والتراتيل الحزينة والخطابْ
كيف الوصول إليك ؟
إنّ هواتفي مقطوعة
ورسائلي لك في الأثير
تضيع في كذب الضباب
كيف الوصول وأنت في ليل الأماني الشاردات بلا سبيل
صامت ٌ
وأنا على طرف الجنون
بلا جواب
إن كنت لا تدري
فقد رحل الهوى
رحلت غلال الياسمين بعطرها
ورمى الخريف ظلاله فوق النوافذ والسواقي
والهضابْ
أأقول للدنيا .. استديري وارجعي من خلف أسوار الغيابْ ؟
ما تنفع الكلمات إن كانت حروفي من ترابْ
أنا لن أقول
ولن أعيد
فليس يجدي
عودي فقد طال الغياب
يوم رحيلك يا سيدتي
أصبح وجه الأرض
بلا أحزان ...
عند صهيلك كان لصمتي
بُعداً آخر للإدمان ...
غيبي عن روحي و انفصلي
كيف لعشق ٍ أن يتحامى
بالهذيان ...
ما زلنا في أول درب ٍ
للعصيان ...
قومي ارتحلي عن وجعي
فأنا حر ٌ أترك باخرتي
في اليم ِّ بلا ربان
و أنا حر ٌ في أشواقي
أتركها من غير دُخان
فارتاحي مني و انحلي
عن ثوبي الأسود
فأنا معشوق ٌالألوان
ذاكرتي لا تحمل رسمك
و أنا لا أذكر من كان
أسلوبي في الحب ُ بسيط ٌ
فأنا لا أملك تيجان
أنا رجل ٌ أدمته الدنيا
و مضى فيها دون رهان
لا أملك شيئاً يشعرني
أني في الواقع إنسان
انصرفي من دفتر حبي
قد سافرت ِ بلا استئذان
ما عادت سفني تحملك
فبقاؤك أصبح بهتان
ما زلنا في الفصل الأول
و رسوبك أصبح عنوان
لا يمكن أن أهوى يوما ً
قلبا ً صلباً كالصوان
عندي أشعار ٌ أتركها
عند كروم ٍ قد تزدان
بقدوم فتاة ٍ طيبة ٍ
تقرئني قبل الفنجان
ترميني حول ضفيرتها
لأمشطها بالمجان
تجعلني أقرب من شفتي
تعشقني حتى الذوبان
تفهمني من غير حديث ٍ
تحملني عند النسيان
تشعرني أني بسمتها
تنسيني وجع الحرمان
تعصرني زيتاً من حلم ٍ
تطعمني خبزاً و حنان
تلبسني عند تفاخرها
شالاً من زهر الرمان
حبك قد يتركني حراً
يشعرني أني إنسان
\
حبيبي
أفيفي وريدًا وريدًا
ولا تفزعي الياسمين الذي قد تدلى
قصيدا قصيدا علي راحتيّ
ولا تُغْمِضِي الليل فينا
دعيه يسامرنا يا حبيبي
إلى مطلع الفجر من قُبلتينا
.
حبيبي وهلّا فرشت الندي حول وردتك الزئبقيةِ
كي يتسني لقلبي يمرّ ويصطف بين رحيقك
فكم للمساء يُصفّف روحي
ويترك كل الذؤابات بين شفاهك
حتي تضفِّر فاهي وتدهنه بالشفق
حبيبي أيا ليتني أستطيع المنام بجفنيك حتى تفيق النجوم بجفن الصباح
أياليتني أستطيع انتشالك مما تهابين فىّ لأطرد عنى وعنك المهابة من فرحة ربما لن تجيء ومن دمعةٍ قد مضت
متي يا حبيبي ستزدلف النورسات
إلي بيت جرحي الحرام
متي تهتدين إلي سكتةٍ في مهب الكلام
متي تنثرين علي وجع الكائنات شهيق اليمام
رأيناك تنوين أن تطلقى البدر عشرين عشقا
فزقزق فى مُقلتىَّ الضياء
رأيناك لم نر إلاكِ فينا ومن نحن إلا حنيني’ أنيني وعشرون حزنا بطعم الغياب
.
.
حبيبي
ارشفيني
ليشتعل البحر في مُقلتيَّ
ويغترف النهر من راحتي غرفتين
ويبتلىَ الشط بي
فلا طاقةٌ للمياه بجالوتَ
كي تضع الحرب أوزارها في عيوني
حبيبي
ارشفيني وذوبي
اتركي الموج ينهش فينا
ولا تخبريه بسر المدام
.
حبيبي ومن أنت هل فيك للبحر شط إذا عانق الموج فى مهجتى ضحكة الزنبقاتْ
إذا مر طفل على آخر الحزن من سيكون له أول الباسمين
وإن تاه فى الروض صمت الورود فمن سوف يغوى بصوت الهوى الياسمين
.
.
حبيبي
هبيني رحيلي
وإما ارحلي في جنوني
وشدي نطاق اشتعالي علي خصر عودك
هبي ذلك الناي بعض الغناء
هبي ذلك الصدر بعض الهواءِ
ارشحي من عناقي هديلا
حقولا
ترانيم تفصح عن سرها للبروق
حروبا
دروبا إلي هوة في الشروق
.
أفيقي حبيبي
ولا تخدشى يا سمائي زجاج الشموسِ
متى طال ظفر الخريفِ
ولا تجرحي القيظ في خطوتىَّ
لأمشي بظلي
لأن الظلال علي كتم جرح المحبين أقدر
ولكنها كلما ملت مالت
ولكنها كلما سلت سالت
أميل إلى الأرضِ
تجري اتجاهي
أقيل إلي نخلة الروح
تنأى
ويقطفها الغصن عن لوعتي والشموس
بخيط الغروب أخبيك عن نظرة
في مهب الوداع
وعن قبلة في مهب الضياع
بخيط الغروب أخبيك
كى يغزل الغسق المستنيرُ بدوري
ليسترق الزعتر البلدي من الحلم سمع البلابل.
سمع القوافل في رحلة الصيف نحو ارتعاش الجسد.
أفيفي حبيبي
لأنأى بعينيك عني
ليهرب هذا الغثاء عن الموجة الليْلكية.
وتندس هذي السنابل عن أي رؤيا,
وتفسيرِ يوسف
فلم يبق بي ما يمد إلى شهقةٍ في النجوم لهاتي
وما عاد من سدرةٍ
كى تراني الملائك قاب اشتعالين من برتقالك
وما زال نجمي الذي قد هوى في منامك يهوَى
أفيقي حبيبي
دعي شهقتينا تربت ظهر المساء
لتسري قشعريرة في عروق الصباح
ويفتر ثغر القصيدة عن غربتي في الرياح
أفيقي حبيبي
فأنت بروحي كبللورة
حممت نفسها في تراتيل مريم
ومرت بمزمار داوود كي ترتديه
لتُسري إلي قدسِ قلبي
لهذا السنا بصمة الروح أنت
وبحران لا يبغيان بقلبي
خطوط استواء الربيع الشجي علي ضحكة البلبلات
وصوتك ذاك الذي يَهِبُ البحر زرقته
والجبال صداها
حواري هذا النسيم
وحضنك ما يسلخ الغيب من ذهن هذي الشموس
وتفسير زهرة دفلي لسورة زنبقة في رؤاي
وأنت السَّمَاك الذي لمّ شهقته
ثم وزّعها في رئات النجوم
لكي يستمد المساء السنا من شهيقك
اعربيني حبيبي
اصرفيني بروحك
ولا تتركي دمعة لانتظارك تمنع ليلِي من الصرفِ
يا قبضة السامري
الرسول أتاك
اقبضيني
انبذيني
ادغمي لام روحي بميمك
ولا تخبري العود يا عزفتي سر غُنَّتِنا
لم يزل لحنه في دمانا صبيا
وهزي إليك بجذع اشتهائي
أساقط للروح رطْبا جَنِيّا
حبيبي
اوصدي الريح خلفي
ليستلقي السنديان بأنشودتي
والمساء يقيل بما سال من لوعتي
فوق عود الندي
قد جعلت الهوي تحت نايي سريا
كيوبيد طِر فوق جرح فعولن
شد قوسك في قُزَحٍ من نسيمي
أدونيس يمضي لجرح الغياب وعشتار نائمة فى دماه
ويمضى الخريف إلى الراحلين بلا موسمٍ قد يلم أساهْ
حبيبي
لو الشط يدنو إلي موجتي قدر شِعرين
كيما أخطِّط بعض الرحيل
وكي يستحيل المدي مُدية في رمالي
حبيبي
لكم مرة ينبغي أن أذوب ليشهد قلبي تزلج هذي القصائد فوق جليدك
ويفترش الصيف صدري الذي نام في حضن عودك
.
حبيبي ومن ربّتَتْه الصحاري...فلن يخشى في الكونِ إلا المياةْ
ومن ذاقَ بالحُب طعمَ المماتِ...فلن يحلو في فيهِ طعم الحياةْ
ياعابرا درب الحياة
مزق ظلال الغيب
تلمح منتهاك
قد كنت منذ البدء
غيما راحلا
نحو الهلاك
قد كنت تمطر
أينما حلت خطاك
كانت كؤوس الشعر تثمل
من هواك
والصدق يوغل في مداك
لما الصراخ هوى
على فوضى سداك
نام الرصيف
على قوافي مشتهاك
تهنا، لبسنا الحزن
في ثوب الغياب
صعب هدير الوقت
في منفى صداك
صعب رحيل الحرف
من ثغر الكلام
لكن ستبقى في مآقينا
كنور الشمس
في فج الظلام
........
\
وأنتَ تقودُ عينيك إلى النهر..
أطلقْ عصافيرك للماء
أيها النهر
عصافيرك والماء
تحملان القصائدَ في لغة لا تنام..
عصافيرك والماء
تحملان اللغة في قصائد لا تنام..
وأنت تقود عينيك إلى...
قصائد امرأة في غيمة
خانها العابرون
فساقتْ مطرَها إلى نخلة
كبرتْ النخلةُ
وكلما سافرتْ خوصة ٌ
رتلَ الهواءُ سعفها
وكلما سافرتْ خوصة ٌ
بكتْ المرأةُ الغيمةُ
مثل دجلة..
وأنتَ تقودُ عينيك،
ـ أيها الحلم ـ
أشعلْ النومَ حتى يذوب الظلام
أشعلْ النوم في قارب المساء
أشعلْ النوم..
كي تنتمي للنهر
أنثى هو النهر
والمسافاتُ أنثى
وهذا الشعاعُ الذي في يديك أنثى
يقودُ ضياءَه ُ
ليصطاد الشاطئ.. ونساؤك..
والزمن.. وما تبقى من الثلج..
يا كاشفاً للنهر أنثاه
طيفُكَ بلا عدد
لتحتمِ بالورد.. لتحتمِ بالنهر
وأنتَ تقودُ..
للصمت ذكرياتُ الهواء
للذكريات جسدٌ غائب
للغبار ابتساماته على الضوء
لي.. اسمي، كذلك للشمس
للنهر أسماكه المتقاعدة
لا وقتَ للنجوم كي تلتفتْ
ثمة خطى تفتحُ بكارتَها
لمعبدك الوحيد..
ليقودك ـ الإله كلكامش ـ
إلى أوتونبشتم،
أيها الجد
لتعمد النهر ببقايا الطوفان..
وأنتَ..
في تلك الحدقات
تتناسلُ رؤوسُ سادتنا..
رؤوسنا فوق الرماح
لتبادلك النشيج
مع الخيول.. الصحراء
وعلى جسر من عمامة الحسين
على جسر صدرك.. والمآذن
ودمعة الأرض
وأعمارنا المعلقة كالطين..
وأنتَ تقودُ عينيك إلى النهر،
فرتْ أصابعي
أصابعي جميعها إليك..
ـ أيها الصباح ـ
وحدك بلا ضفاف تقبّلُ الأفق
لا لشيء.. فقط للوطن.
الوطن نخلة الشعراء
نخلة ٌ لا تنطفئ..
ـ أيها النهر ـ
أناشيدك يحاصرُها النورُ
النورُ حائرٌ أمام ـ القارة السوداء ـ
وأمامي أيضاً..
هكذا أكد ليلك..
ليظل النعاس أكثر تعاسة،
والسواد أكثر نعاساً
وحتى تضيء عينيك
أسحبْ رغبةَ النهر
ثم أسحبْ رغبةَ الموت
لتضيء فم الحرب من السنين..
وأنت تقود عينيك إلى النهر
اتكئ قليلاً على مسافة من نور
ثم امسحْ قلقي بالضياء
يا نهر..
على طريق الليل انتظرني
فأنا مساؤك
وأنت حدائق للمطر..
يا كلام..
لا مفر.. رئتي قدرك
رئتي.. لا مفر
وأنت تقودُ عينيك من نهر
إلى نهر.. إلى نهر
أنثرْ خيالَك للموج
ويديك للبردي..
حلّق بجناحي الغيث
إلى لغة تهذبُ أنفاسَنا
تهبطُ من الداخل
وتقودُ النجوم إلى النهر