الإمام المستقل الذى عاش من تجارته ورفض وظائف الولاة
أبو حنيفة . .
* قال فى من سبقه من الفقهاء : هم رجال ونحن رجال
* ضربوه وحبسوه فلم يتزحزح عن الحق ثم مات شهيدا !
كان الداخل إلى مسجد الكوفة فى الربع الثانى من القرن الثانى الهجرى يجد رجلا هو ربعةٌ من الرجال ، لا هو بالطويل ولا بالقصير ، فيه سمرة ، وعليه بزةٌ حسنة ، وقد عُنى بثيابه وتنسيقها عناية واضحة ، فيه سمة العلماء ، وفيه تقوى المؤمنين ، وله نظرات فاحصة فى الأشخاص وفى الأشياء ، كأنها نظرات تاجر يصْفِق فى الأسواق ، ويستشف الرغبات من الوجوه ، ويتعرف القلوب من نظرات أصحابها ، وقد جلس حوله ثلاثون أو يزيدون يعرض عليهم مسائل الفقه فيناظرهم ويناظرونه ، وكأنه سقراط الفيلسوف بين مريديه وطالبى الحكمة ، يهديهم إليها بحواره ومحاولاته ، ولكن شيخنا قد يوقف المناقشة إن رأى فيها خروجا على الصراط ، لأنه يناقش فى دين ، وإن كان يفكر فيه بعقل الفيلسوف . وإذا تكلم الشيخ بالحُكْم سكتت الأصوات كلها ، وانتظرت منه فصل الخطاب . ذلكم الرجل هو مخ العلم : أبوحنيفة النعمان بن ثابت .
نتابع بشوق سيرة الشيخ الفاضل أبو حنيفة النعمان
شكري الجم لروعة الإختيار
************************************************** *************************
فقرة خاصة للشاعرة هديل
صفاته
------
وقد اتصف أبو حنيفة بصفات شخصية جعلت منه العالم ذا الخلق الكامل . وأول هذه الصفات ضبط النفس عندما يهاجَم بألفاظ نابية ، أو عندما يهاجَم باعتراض معترض . ومع ضبط نفسه كان قوى الإحساس خصوصا فى الناحية الدينية . قال له قائل : " يا مبتدع ! يا زنديق ! " . فقال الشيخ الوقور فى هدوء : " غفر الله لك . الله ليعلم من خلاف ذلك ، وإنى ما عدلت به مذ عرفته ، ولا أرجو إلا عفوه ، ولا أخاف إلا عقابه " . ثم بكى عند ذكر العقاب . فقال له الرجل : اجعلنى فى حلٍ مما قلت ، فقال التقى المتسامح " كل من قال فينا شيئا من أهل الجهل ، فهو فى حل " .