صُبح خريفي، حيث السحر يفرض نفسه بين أزقة المدينة .. بِ رياح غجرية .. بِ عشق مجنون ، ورقص ليس يفقهه أحد سوى تلك الاوراق المتساقطة من أشجار الطرقات ..
{ما كل ما يتمنى المرء يدركه } ليت شعري لو ادرك في احيان كثيرة .. ما تعني تلك العباره.. ما كنت يوماً لأنتظر شيئا مستحيلاً.. قط .!
مع بداية هذا الفصل الماطر .. وكَ عادة الخريف هنا في كوبن هاكن تكون سماؤنا فوضوية المزاج ، عابسة الوجه .. تخبئ الشمس خلف جلبابها الرمادي الثقيل .. وأنا كَ عادتي في هكذا أجواء أول شيء افعله في هذا الصباح هو الاستماع لِ صوت فيروز الذي يجلب معه كل ألحان الربيع ، فَ تزهر الروح من جديد .. أجمل مافي صوتها الصدق ..! وبفضل هذا الصدق يكون الانتقام جميل من كذبة الحياة ..
يا صمت الذكريات ، افتح شبابيك النبض .. فإن صوتك لازال مخبئاً في جرار الأيام .. وان الروح ، لحن غريب في شفاه الحاضر .. يا سحابة المسافات البعيدة .. امطري واختصري الخارطة .. فإن القلب لازال يأن من البُعد .. وإن النفس تعاتب ضوء الأمل لِ غيابه .. أيتها الكلمات السابحة في الفراغ ، التي مزقت أشرعتها .. أعيدي الفرح لِ ذاكرتي عودي لِ شواطئ القوافي .. فإن رياح الغربة الطويلة أحالتني غباراً في وجوه المسافرين .. وما عاد نخيل بلادي يعرف كيف يعيدني إليها .. ويهب لِ ضحكتي الميتة شفاه مبتسمة ..
عزيزي الوفاء ، الذي خنقته أيادي الحياة الخائنة .. أصبحت مثل الرسائل التي تتعذر الوصول ، غارق في عالم الذكريات الموجعة .. يا صديقي .. سَ اشعل لِ يُتمك الشموع .. لِ أقرأ في لغة عيونك دمعة ، ثم ابكي معك ..
من نافذة السنين الغريبة ، تطل الروح على هذا الصباح الصاخب في صمته .. تطرق بيدها المتعبة شبابيك الذكريات ، لِ تلتقي صدفة مع رجل عجوز .. يمشي منحني الظهر ، أودع الزمن في عينيه حزنٍ دفين .. عرفني من لحن كنت أردده .. قال لي انه صديق جدي ، وابن تلك المدينة التي ينام فوق أسيجتها الدفء .. ذكرني بالغربة التي أسكنها .. ثم عاد بي الى الوراء .. إلى قرية ، سكنت بداخلي حقولها .. جوامعها ، حاراتها العتيقة .. و ورودها الملونة ..