جاء فصلُ الربيع بعد انتظارٍ..........فتلاشى نفوذُ فصْل الشتاءِ
لم نعدْ نسْمع الرعودَ تدوِّي......أوْ نَرى البرْقَ لامعًا في السماء
أبدًا لمْ يعدْ يشنُّ عَلينا..............بردُ فصل الشتاء أيَّ اعتداءِ
فخلعْنا ملابسَ الصوف عنَّا..........و ارْتدينا ثيابَ فصل البهاءِ
و انتهينا ممَّا جناه علينا...............مِنْ زكامٍ و كحَّة و عناءِ
إنَّ برْدَ الشتاء كمْ ليْلةٍ عافَ....... الحشايا و بات في الأَحشاء
خيّم الدفْءُ بعد أَن سيْطر البردُ.......طويلاً على رحاب الفضاء
بعد فصْل قسا علينا و جدْنا.........في حَنان الربيع خيرَ عزاءِ
إنَّ فصْلَ الربيع ما كان يومًا.........قاسيًا مُتْعِبًا كفصْل الشتاء
لم تعدْ تشتكي النفوسُ و يكْفي..........أنَّها بعْد شدَّةٍ في رخاء
جاء ما كان للنفوس انْشراحًا.......و على البرد كان سوْط بلاء
إن فصْلَ الربيع فصلُ اعْتدالٍ.........و جمال و رحْمةٍ و سَخاءِ
كُسي الكونُ من جميع النَّواحي........بثياب الصفاءِ و النعْماءِ
ظهر الغصنُ من جديدٍ سعيدًا............وأنيقًا بالبدلة الخضْراءِ
و الرّبى بعد عرْيِها لبستْ ثوبًا..... من الزهر وهْو أزْهى كساء
وبدا البدرُ بعد طول احْتجابٍ.........يملأُ الأفقَ بالسنا و الضياء
لمْ يعُدْ يعرف الهزار سكوتا ..........بل غدا دائمًا حليفَ الغناء
صار يقضي النهارَ دون اضطرابٍ.........مُسْتلذًا لطافةَ الأجواءِ
طالما حمَّلتْه أيامُ فصْل..............البرْد و الريح كثرةَ الأعباء
ذاع عطرٌ من الزهور زكيٌّ........في جميع الجهاتِ و الأَرجاء
أظهر الحقلُ ما احْتوى مِن كُنوزٍ.....لم يدعْ ما لديه ملْءَ اخْتفاء
و جرى النهرُ صافيًا و نقيًّا.....وارْتوى الناسُ منه خيرَ ارْتواء
ونسيمُ الصباح هبَّ برفْقٍ.........و حنانٍ على الربى الخَضراء
إن طيبَ النسيم يقضي على داء........الأسى فهْو ضدَّ هذا الداء
و نما العشبُ في الأراضي كَثيفًا...... و عليها غدا كشكْل الغطاء
لثم النحلُ في الصَّباح وُرودًا.............بحنان و رقَّةٍ و انْتشاء
وتجلَّى الفراشُ رسْما بديعًا ...........و جميلاً يطيرُ في الأجواءِ
لم تحسَّ الخرافُ بالجوع بل صار...لها في السُّهول أشْهى غِذاء
طار سرْبُ الحمام بعَد أَنِ اقْتاتَ.....من الروض عاليًا في الفضاء
ضمَّ فصلُ الربيع عكْس فصول....العام شتَّى الزهور و الأشذَاء
إنَّ فصلَ الزهور و العطر و السحر...وفصْلَ الصقيع ما بسَواء
كاد سحرُ الربيع يجْعلُ حسًّا..........و شُعورًا للصَّخرة الصماءِ
إنَّ وجهَ الربيع جدُّ بشوشٍ....... و ضحوكٍ خلافَ وجْه الشتاء
أبدًا لا تملُّ أَيَّامُ فصلٍ.....................مُترعٍ بالجمال و السَّراء
إن فصْلَ الربيع يحْمل عيشًا...............مُسْتطابًا لكافَّة الأحياء
إنَّ ما أظْهرَ الربيعُ من الإبْ...........داع أذْكى قَريحةَ الشُّعراء
نظموا فيه كمْ قصيدٍ بديعٍ..................جابَ معْناهُ كافَّةَ الأرجاء
آخر تعديل عبدالحي تفالي يوم 04-30-2024 في 06:07 PM.