ضوء على فعاليات اليومين الثاني والثالث من ملتقى قصيدة النثر الأول
الاعلامي :نصار الجرف
جريدة الفداء السورية
ثقافة
الأحد : 27-3-2011
في عدد اليوم من ثقافة الفداء نعرض قراءة في اليومين الثاني والثالث من ملتقى قصيدة النثر الأول الذي أقامه المركز الثقافي العربي في سلمية بالتعاون مع مديرية الثقافة بحماة احتفاءً بذكرى ثورة آذار المجيدة وجاء تحت عنوان «تحية لرواد قصيدة النثر.
اليوم الثاني كان تحية للشاعر اسماعيل عامود، قدم فيه الأديب محمد عزوز لمحة عن حياة هذا الشاعر الاجتماعية والثقافية والإبداعية، وذكر أنه ولد في سلمية عام 1930 وعمل محرراً في عدة صحف ومجلات سورية ونشر أعماله الأولى فيها، ثم عدد بعضاً من مؤلفاته ودواوينه «من أغاني الرحيل، كآبة، التسكع والمطر، أغنيات للأرصفة البالية، أشعار من أجل الصيف، الكتابة في دفتر دمشق، السفر في الاتجاه المعاكس، العشق مدينة لايسكنها الخوف، إيقاعات في أنهار الشعر» وكتبت عن شعره دراسات عدة خصوصاً في مجال قصيدة النثر.
بعد ذلك قدم الدكتور الياس خلف أستاذ اللغة الانكليزية بكلية الآداب بجامعة البعث، دراسة أدبية عن نشوء قصيدة النثر في الآداب العالمية واستهلها بالتعريف بمصطلحي الشعر والنثر، ومن ثم المقارنة بينهما من ناحية القافية والوزن والموسيقا والصور البيانية، وذكر بأن الشاعر الفرنسي ألويسيوس برتراند 1807-1841 هو أول من أسس القصيدة النثرية بوصفها جنساً شعرياً، والتي تأثر بها بودلير وكتب مقطوعات شعرية منثورة تتحدث عن آلام الروح وعذاباتها، ثم عدد الشعراء الذين تأثروا بقصيدة النثر أمثال رامبو أوسكار وايلد، إيمي لويل، ت.س إليوت، وجاء بعدهم بيتر ريدغروف ودافيد ويفيل، ثم أورد مقطعاً شعرياً للشاعر البريطاني جيفري هيل بعنوان «الحنين الجارف إلى الزمان الحق».
بدأت بعد ذلك الأمسية الشعرية بقراءات استهلها الشاعر شادي أبو حلاوة الذي ألقى ثلاث قصائد «إلى محمود درويش، إلى صديق يبحث عن الحب، معرفة التاريخ»، في القصيدة الأولى رثى الشاعر أبو حلاوة الشاعر الراحل محمود درويش بكلمات شفافة وعفوية تقارب بينه وبين الشاعر مع موقفه الوطني، وفي قصيدته الثانية قدم صوراً عن الضياع والتشرد والرحيل إلى القلب بوصفه موطن الصدق والبراءة.
أما في القصيدة الثالثة فخاطب مدينته سلمية كطفل بريء، يرى فيها أماً حنوناً محبة، فزاوج بين التاريخ وأحاسيسه المرهفة، وفيها يقول:
ثم ألقى الشاعر بشار عيسى مجموعة قصائد قصيرة عنونها بـ «لوحة، وأنت عصفورتي، زمن، شاعر، بدر شاكر السياب، سليمان عواد» قدم فيها لوحات تمازج فيها اللون مع الكلمة فآلف بين اللون الأبيض برمزيته إلى الحقيقة والتكوين الجمالي للشاعرية، حيث انهمك متأملاً واقعه ببكاء يسكن شعره ويعبر عن محنة الشاعر أمام الحقيقة.
ثم قدمت الشاعرة ابتسام سفر قصيدتين، الأولى بعنوان «سلام» قدمت فيها تحية إلى الأرض والنهار والشهيد وغزة، وفي الثانية «امنحني وقتاً» قدمت نصاً يقوم على تقليد شعري أثير ألا وهو خطاب الغائب الحاضر، فبدت القصيدة رحلة إلى الذات التي تبوح بأسرارها، من قصيدة «سلام» نقتطف:
حين يسقي الماء ذئاب الليل
واختتم الشاعر أيمن رزوق الأمسية بقصيدة طويلة بعنوان «شاعر التراب بعد المطر» وهي قصيدة نثر تركيبية بناها بالصورة وعلى الصورة، فالموضوع عنده يتشعب إلى موضوعات فرعية أشبه بالمعزوفة الموسيقية التي تؤديها فرقة أوركسترا
كالشجر يقرأ لغة العصافير
ويرسم موتاً كاملاً بحرف واحد
وفي ثالث أيام الملتقى قدم القاص محمد عزوز لمحة عن الشاعر محمد الماغوط الذي يعتبر أحد أهم رواد قصيدة النثر في الوطن العربي، كتب في صحيفة تشرين زاوية يومية وفي مجلة المستقبل كتب «أليس في بلاد العجائب» ثم عدد القاص عزوز أهم مؤلفات الماغوط الشعرية والمسرحية والسينمائية والتلفزيونية ومجموعة المقالات والنصوص.
قدم بعده الباحث علي أمين دراسة تأريخية لقصيدة النثر في سلمية، تحدث فيها عن بدايات قصيدة النثر في سلمية من خلال روادها الشعراء «سليمان عواد، اسماعيل العامود، محمد الماغوط» ومن ثم الشعراء الذين تلوهم مثل حسين هاشم، صدر الدين الماغوط، محمد حيدر، ميرزا ميرزا ومهتدي غالب وغيرهم، وصولاً إلى الجيل المعاصر، ملقياً الضوء باختصار على تجربة كل منهم.
بدأت بعد ذلك فعاليات الأمسية فألقى أولاً الشاعر فادي عواد قصيدتين: الأولى بعنوان «انتماء» حيث أبدى فيها قلقه من مساحات انتمائه وأطلق الأضداد من دمه المهدور حتى الانهيار، ليكشف لنا عن عمق رؤيته للحالة الشعرية والإنسانية، وفي قصيدته الثانية «نزهة في العتمة الأخيرة»
قام برحلة بين الظل وبينه، صامتاً يتنفس الضوء والصمت ويمارس حقه في الكذب ليعبر عن حلم إنساني عميق، وفيها يقول:
في العتمة... حيث لافرق بين الظل وبيني.
على النوافذ المغلقة على نفسها...
ثم قرأت الشاعرة نصرة ابراهيم ثلاث قصائد، الأولى «حقائق الصمت» حيث عبرت بلغة يتزاوج فيها الحرف مع اللون لتخرج صوراً تعبر عن حقيقة الإنسان الساكن في الشعر والجمال، والقصيدة الثانية بعنوان «الضحى وأنت» قدت فيها رؤية إنسانية للتاريخ المليء بالقتل، آملة بشروق ضحى يحمله من تحب.
أما في القصيدة الثالثة التي كانت بعنوان «أرفع صوتي» فقد رفعت صوتها ضد سرقة البحر والنبع وانكسارات التاريخ أمام خطى العابرين، ومنها نقرأ:
ثم ألقى الشاعر سليمان الشيخ حسين قصيدتين: الأولى «مقام الشاعر محمد الماغوط» محاولاً أن يقرأ محمد الماغوط من خلال رؤيته، فقال فيها:
«أيها الماغوط يامسيح الكلمات! يانبي الألم!»
وألقى قصيدة أخرى بلاعنوان تحدث فيها ببوح وجداني عن نجمة بلا سماء وسحاب بلا مطر.
ألقى بعده الشاعر هانيبال عزوز قصيدتين، الأولى هوامش الـ «سَ» وهي من ديوانه «سَ» على شكل مقطعات يربطها ضبط وجداني جميل يقول فيها:
«القصيدة وحدها تلعب الآن مع الحجر
وأنا وحدي أزر المساء وأتألم
وفي قصيدته الثانية «مشاهد أخيرة» قدم رؤية تشاؤمية عن العالم الممدد كجيفة أمام عينيه، العالم الملوث بالقسوة والدمار ليختمها بقوله:
أيها السائرون في الجنازة!
واختتمت الشاعرة ماجدة حسن الأمسية بقصيدتين، الأولى كانت بعنوان «حقائق الصمت» حيث غزلت بحروفها خيوطاً من صور ركبتها نسيجاً من جمال وشاعرية، وفي قصيدتها الثانية «زمن المستحيلات» همست لقلبها بسطور وجدانية مزركشة وكتبت عليه:
وختم الباحث علي أمين بقراءة نقدية كشفت بعض ملامح الجمال في النصوص المقروءة.