الموضوع: أيام الحامعة ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-2025, 02:31 PM   رقم المشاركة : 1
أديب
 
الصورة الرمزية ياسرسالم





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : ياسرسالم متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 اللهم عودة...
0 نعمة الوطن ..
0 أيام الحامعة ...

افتراضي أيام الحامعة ...


لاشك أن أيام الجامعة من أفضل الأوقات التى يمر بها الانسان في حياته حيث الطيش والاندفاع المصحوب بنزق الشباب وفورة الصِّبا..
فهي لاشك فترة استثنائية تمثل نقلة نوعية وطفرة سلوكية مفاجِأة وفي سِنٍ حرجة جدا ..
هذه القفزة تتمثل - في جانب منها - في الخروج عن جادة الإنصياع وحياة الرتابة التى اعتادها المرء في المراحل الدراسية السابقة..
- حضور الصباح بوقت محدد
- طابور إلزامي
- زي موحد
- فصول ضيقة مشتركة بمقاعد مهترئة
- جذع شجرة في الفناء لم يُكتب له أن يكون شجرة بسبب الأيدي العابثة التى تمنعه من الحياة كل يوم..
- مدرس غِلِس لا سبيل للفكاك من حصته
- مدرسة حامل ومصممة على التدريس حتى قبيل آلام الولادة بساعات ..
-الأبلة نادية بتاعة المواد الفلسفية وكلامها التي هي بالأساس لاتفهم معظمه ..
-الأستاذ حورس ( أصله محروس ) مدرس اللغة العربية الذي يدخل علينا واجما متغيظا مقطب الجبين،
ينظر يمينا فيبتسم ( ناحية الزميلات ) ،وحين يولي وجهه يسارا يبتئس (ناحيتنا طبعا)
ثم يبصق كمية لابأس بها من لعابه ،ويقول بقرف معهود ( أشكال زبالة عالصبح ) .. وحاجات كتيرة تانية........

أما المرحلة الجامعية فعلى النقيض من ذلك تماما ؛ هناك تتلقَّى علمك من علماء مشهورين في مجالاتهم .. أسماؤهم ترعد وتبرق على جلدة الكتاب الذي تدرسه ..
يحترمون عقلك على الطريقة الأوربية، ويشعرونك بأهمية ربما لاتبلغ - بمكانتك المتواضعة -أن تكون عشر معشارها ..
تناقشهم فيردون عليك بابتسامة عريضة ملونة كابتسامة الياهو الصفراء..
أضف إلى ذلك أنه لا رقيب عليك داخل ما يسمونه بالحرم الجامعي ..
تفعل ما تشاء.. يتحكم فيك أصلك وطبعك ومعدنك ..
الانفلات هو عنوان الحياة الغالب داخل اروقة الجامعة ..
كما أن المدرج عبارة عن عروض متصلة سواء في الأزياء أو تسريحات الشعر.أو شكل الكراسات والأجندات والمفكرات والأقلام والسيارات وحتى في العطور
وأحيانا الطعام .. إلخ ‘ لم يكن لدي بالطبع ما أنافس به..!

طبعا هذا بالنسبة لكلية التجارة جامعة المنصورة ..
وللجامعة هذه شهرة طاغية في بر مصر من حيث الذوق والرقة والجمال ,ولاسيما مدينة المنصورة التي تقع بها الجامعة ؛ فقد اشتهرت بجمال نسائها وطيبة رجالها ..ويعلل البعض هذه الشهرة هذه (أعني منسوب الجمال العالي ) بما يرويه الناس من أن أهل المنصورة لما أسروا لويس التاسع ( تقريبا هذا رقمه ) وهزموا حملته واسروه في دار ابن لقمان التي نمر عليها اليوم مصبحين وممسين ، لما انهزم الفرنجة هزيمة منكرة سبوا نساء الفرنجة وتزوجوا منهن (قسرا!) فحسنوا بذلك السلالة المصرية فى هذه البقعة التي تزدان بنيلها الذي يتخللها وبجمالها الموشى ( هذه الرواية مهذبة إلى حد ما ) ..

ويمكن اعتبار كلية التجارة خير ما يمثل جامعة المنصورة في هذا الأمر ،.لذلك كانوا يطلقون عليها ( كلية الكعب العالي ) وقدري أننى التحقت بها دون دراية عن أحوالها ..
وعلى الرغم من حياة اللامبالاة التى كنت أحياها آنذاك والتى تستنيم كثيرا للجو السابق ذكره ؛إلا أنني لم أستطع أبدا أن أتناول الحياة في هذه المرحلة كما يفعل أقراني لكوني ريفيا ساذجا (لم تبهره أضواء المدينة) ؛فكانت فترة الجامعة هذه من أسوأ وأتعس الفترات التى مررت بها ؛ ولا أحب أن تعود مرة أخرى ..
قررت - كنوع من التمرد على كل شيء منفلت أنذاك - أن أكون إنسانا ملتزما متزنا هادئا .. وكنت خجولا بطبعي رغم ان فصول الدراسة كان مختلطا حتى الثانوية العامة فلم يسبق لي أن تحدثت إلى فتاة منذ نشأتي إلا مرة وحيدة مع (ثناء ) التي أحببتها بيني وبين نفسي حين اتهمتني زورا بسرقة قلمها الجاف..!
مضت الأيام اولاها تجر الإحدى أخراها دون وجود أي خطوط عريضة في ذهني تصلح لأن تكون طريقا أسلكه بما يتناسب وهذه السلوكيات الجديدة .
ألقيت بأخر علبة سجائر من نافذة غرفتي .. وأرحت نفسي بعد محاولات مضنية من شرور التدخين وعواقبه و انضممت إلى أسرة الفجر ذات الشعبية الواسعة والانتشار العريض الجارف و..هي الأسرة التى تتصل خيوطها في نهايتها بالأستاذ الراحل حسن البنا - رحمه الله -
ولأنني كنت خطاطا ؛ فقد اشتهرت سريعا جدا بينهم بسبب لوحاتي في الدعاية والمعارض داخل الجامعة ..
شعرت بعض الشي أنني مهم جدا .. وشعرت بنوع من الزهو ..لكن الالتزامات التنظيمية السلوكية الصارمة تعيدك إلى أيام ما قبل المرحلة الجامعية .
.ولما وجد قادة الأسرة هذا الولاء والتفاني مني ؛ رشحوني لعضوية المجال الرياضي في اتحاد الطلبة ..

...
زهوت كثيرا وفرحت ،شعرت أنني مقبل على أيام رائعة ومهمة..
قبل موعد الانتخابات بأيام يسيرة بدأتْ الدعاية وطبعا كنت أحضر لنفسي تصميمات رائعة من رسمي وخطي ، تماما كما فعلت (لإخواني الأخرين ).. ولكن حدث ما لم يكن قط في حسباني ..
فوجئت أن معي زميل بارز في أسرة (الفجر) مرشح هو الأخر للنشاط الرياضي ، والادهى والامر أنهم وطلبوا منى أن أبدأ بعمل اللوحات الخاصة به هو أولا..
قلت ومالو (كل تأخيرة وفيها خيرة) .. ,ولعل في الامر شيء لا يتسع له فهمي وادراكاتي ..
تأخرت كثيرا حتى بات لايفصلنا عن اجراء الانتخابات إلا يوم أو بعض يوم ...
فوجئت بطلبهم الصاعق لي ..
وهو أن أعلن إنسحابي لأمر ما ...
الغريب أنني لم أنسحب لوحدي بل اسحب أخرون مثلي عرفتهم فيما بعد كانوا مرشحيبن لنفس النشاط..!
كانوا قد أمروا مسبقا بالتسجيل سريعا ليكتمل بعددهم النصاب المحدد للترشح في هذا النشاط من قبل إدارة الكلية..
وكان انسحابنا جميعا دون أحدهم يعني فوز هذا الأحدهم بالتزكية من دون الدخول في مهاترات مع المنافسين من ذوي الاتجاهات والميول الفكرية الأخرى..
وكان هذا أول درس تعلمته في السياسة التي هي في حقيقتها دياثة ونجاسة ..
...
..

استدرجت لذلك كله استدراجا دون وعي .. وكنت احسن الظن بكل من يلوح لي ..
ما اجمل ان تنخلع من ربقة التنظيمات والجهات .. وتعيش محلقا في سماء من صنعك ..
تتعاون مع الناس على البر والتقوى دون تحزب أو تشرذم ..
......












التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس