عصام احمد
09-22-2025, 11:53 AM
بعد وفاة زوجتي، طردتُ ابنها من البيت — لم يكن من دمي.
وبعد عشر سنوات، انفجرت حقيقة كسرتني.
ألقيتُ حقيبته البالية على الأرض، وحدّقتُ في الصبي ذي الاثني عشر عاماً بعيون باردة، مطفأة:
«اخرج. لستَ ابني. زوجتي لم تعد هنا — ولا أجد سبباً يجعلني أواصل رعايتك. اذهب حيث تشاء.»
لم يبكِ.
لم يتوسّل.
اكتفى بأن خفَض رأسه، والتقط حقيبته القديمة ذات الحزام الممزّق، وغادر بصمت — دون أن ينطق كلمة واحدة.
بعد عشر سنوات، حين ظهرت الحقيقة…
كان كل ما أتمناه، أن أستطيع إعادة الزمن إلى الوراء.
ماتت زوجتي فجأة بنزيف دماغي، تاركةً إيّاي وحيداً مع طفل في الثانية عشرة.
لكنه لم يكن ابني.
كان ثمرة قصة حبّ عاشتها قبل أن تعرفني — ماضٍ لم تُبح به لأحد.
حملٌ واجهته وحيدة، بلا سند.
وحين تزوّجتها في السادسة والعشرين من عمري، كنتُ أُعجب بها — امرأة قوية، ربّت ابنها وحدها.
وقلت في نفسي: «سأقبل بها، وأقبل بابنها أيضاً.»
لكن الحبّ الذي لا ينبع من القلب… لا يعيش طويلاً.
كنت أعتني به، لا عن حبّ، بل عن واجب.
وحين رحلت زوجتي، انهار كل شيء.
لم يعد شيء يربطني به.
لم تعد هناك أيّ ذريعة لبقائه في حياتي.
كان دائماً صامتاً، محترماً، لكن بعيداً.
وكنت أعلم — في أعماقي — أنّي لم أحبه يوماً.
وبعد شهر من دفن أمّه، قلت له:
«ارحل. لا يهمّني إن عشتَ أو متَّ.»
ظننتُ أنه سيبكي.
ظننتُ أنه سيتوسّل.
لكنه لم يفعل.
غادر بصمت.
وأنا؟ لم أشعر بشيء. لا بالذنب. ولا بالشفقة.
بعتُ البيت القديم. وانتقلتُ إلى مكان آخر.
تحسّنت حياتي. ازدهرت تجارتي.
التقيتُ امرأة أخرى.
لا أبناء. لا أعباء. هدوء. راحة.
في السنوات الأولى، خطر لي أن أتساءل عنه — لا قلقاً، بل من باب الفضول فقط.
أين انتهى به المطاف؟ هل بقي على قيد الحياة؟
ومع مرور الوقت، تلاشى حتى الفضول.
يتيم في الثانية عشرة، بلا أهل، بلا مأوى — أين يمكن أن يذهب؟
لا أعلم.
ولم يهمّني أن أعلم.
بل إنني ذات يوم، وجدت نفسي أفكّر:
«إن كان قد مات، فربما كان ذلك أفضل. على الأقل لن يعاني بعد الآن.»
إلى أن جاء ذلك اليوم — بعد عشر سنوات تماماً…
رنّ هاتفي. رقم مجهول.
«مرحباً، سيّدي؟ هل بوسعك حضور افتتاح معرض فنّي هذا السبت؟ هناك من يتمنّى بشدّة أن تكون موجوداً.»
كنتُ على وشك أن أُغلق الخط — لم أكن أعرف أي فنان.
لكن قبل أن أفعل، أضاف الصوت جملة جمّدت الدم في عروقي:
«أتريد أن تعرف ما الذي حلّ بالطفل الذي تخلّيتَ عنه منذ سنوات؟»
https://i.top4top.io/p_3552jcfr21.jpg (https://top4top.io/)
وبعد عشر سنوات، انفجرت حقيقة كسرتني.
ألقيتُ حقيبته البالية على الأرض، وحدّقتُ في الصبي ذي الاثني عشر عاماً بعيون باردة، مطفأة:
«اخرج. لستَ ابني. زوجتي لم تعد هنا — ولا أجد سبباً يجعلني أواصل رعايتك. اذهب حيث تشاء.»
لم يبكِ.
لم يتوسّل.
اكتفى بأن خفَض رأسه، والتقط حقيبته القديمة ذات الحزام الممزّق، وغادر بصمت — دون أن ينطق كلمة واحدة.
بعد عشر سنوات، حين ظهرت الحقيقة…
كان كل ما أتمناه، أن أستطيع إعادة الزمن إلى الوراء.
ماتت زوجتي فجأة بنزيف دماغي، تاركةً إيّاي وحيداً مع طفل في الثانية عشرة.
لكنه لم يكن ابني.
كان ثمرة قصة حبّ عاشتها قبل أن تعرفني — ماضٍ لم تُبح به لأحد.
حملٌ واجهته وحيدة، بلا سند.
وحين تزوّجتها في السادسة والعشرين من عمري، كنتُ أُعجب بها — امرأة قوية، ربّت ابنها وحدها.
وقلت في نفسي: «سأقبل بها، وأقبل بابنها أيضاً.»
لكن الحبّ الذي لا ينبع من القلب… لا يعيش طويلاً.
كنت أعتني به، لا عن حبّ، بل عن واجب.
وحين رحلت زوجتي، انهار كل شيء.
لم يعد شيء يربطني به.
لم تعد هناك أيّ ذريعة لبقائه في حياتي.
كان دائماً صامتاً، محترماً، لكن بعيداً.
وكنت أعلم — في أعماقي — أنّي لم أحبه يوماً.
وبعد شهر من دفن أمّه، قلت له:
«ارحل. لا يهمّني إن عشتَ أو متَّ.»
ظننتُ أنه سيبكي.
ظننتُ أنه سيتوسّل.
لكنه لم يفعل.
غادر بصمت.
وأنا؟ لم أشعر بشيء. لا بالذنب. ولا بالشفقة.
بعتُ البيت القديم. وانتقلتُ إلى مكان آخر.
تحسّنت حياتي. ازدهرت تجارتي.
التقيتُ امرأة أخرى.
لا أبناء. لا أعباء. هدوء. راحة.
في السنوات الأولى، خطر لي أن أتساءل عنه — لا قلقاً، بل من باب الفضول فقط.
أين انتهى به المطاف؟ هل بقي على قيد الحياة؟
ومع مرور الوقت، تلاشى حتى الفضول.
يتيم في الثانية عشرة، بلا أهل، بلا مأوى — أين يمكن أن يذهب؟
لا أعلم.
ولم يهمّني أن أعلم.
بل إنني ذات يوم، وجدت نفسي أفكّر:
«إن كان قد مات، فربما كان ذلك أفضل. على الأقل لن يعاني بعد الآن.»
إلى أن جاء ذلك اليوم — بعد عشر سنوات تماماً…
رنّ هاتفي. رقم مجهول.
«مرحباً، سيّدي؟ هل بوسعك حضور افتتاح معرض فنّي هذا السبت؟ هناك من يتمنّى بشدّة أن تكون موجوداً.»
كنتُ على وشك أن أُغلق الخط — لم أكن أعرف أي فنان.
لكن قبل أن أفعل، أضاف الصوت جملة جمّدت الدم في عروقي:
«أتريد أن تعرف ما الذي حلّ بالطفل الذي تخلّيتَ عنه منذ سنوات؟»
https://i.top4top.io/p_3552jcfr21.jpg (https://top4top.io/)